
إسبانيا.. حزب فوكس يقترح طرد أكثر من مليون مهاجر مع سحب الجنسية الإسبانية
سعيد الحارثي- مدريد
في خطوة اعتُبرت من أكثر مقترحات اليمين المتطرف إثارة للجدل في إسبانيا، طرح حزب فوكس مؤخرًا، خلال فعالية عامة، برنامجه الاقتصادي والاجتماعي الجديد، متبنيًا رؤًى تهدد الوضع القانوني لمئات الآلاف من المهاجرين المقيمين في البلاد.
ورغم أن المناسبة كانت مخصصة لعرض خطط اقتصادية وسكنية، فإن النقطة الأكثر لفتًا للأنظار تمثلت في إصرار فوكس على “إلغاء جميع تسويات أوضاع المهاجرين غير النظاميين التي تمت خلال العقود الماضية”، وهو ما يعني فعليًا إعادة أكثر من مليون مهاجر إلى وضعية غير قانونية، بعد أن حصلوا على إقامات قانونية ويعملون ويساهمون في الاقتصاد المحلي.
و يدفع الخطاب الجديد لحزب فوكس باتجاه إعادة تعريف الجنسية الإسبانية على أسس عرقية لا قانونية.
فمن خلال ما سماه الحزب “مراجعة ملفات التجنيس”، يقترح سحب الجنسية من آلاف الأشخاص الذين حصلوا عليها بشكل قانوني، في سابقة تهدد بمحو فكرة “الاندماج عبر القانون” التي تعتمدها الدولة الإسبانية.
ليس هذا فحسب، بل يطالب فوكس أيضًا بتنفيذ “ترحيلات جماعية”، وهو إجراء يتعارض بشكل مباشر مع الدستور الإسباني والاتفاقيات الأوروبية والدولية التي تحظر التعامل الجماعي في ملفات اللجوء والهجرة.
ورغم تبنيه هذا الخطاب العدائي، يستند فوكس إلى أرقام غير دقيقة، إذ يزعم أن “نسبة الأجانب تجاوزت 20%”، في حين تشير أحدث بيانات المعهد الوطني للإحصاء (INE) إلى أن نسبة الأجانب في إسبانيا تبلغ 14.1% فقط، بينما نسبة المولودين خارج البلاد 19.3%. وهنا يكمن التحريف الأخطر: الحزب يعامل المولودين خارج إسبانيا، حتى ولو حصلوا على الجنسية، على أنهم “أجانب”.
و ضمن الخطاب نفسه، تبنّى فوكس بشكل صريح نظرية “الاستبدال الديموغرافي”، وهي فكرة نشأت في أوساط اليمين الفرنسي، تزعم وجود خطة عالمية لاستبدال سكان أوروبا الأصليين بمهاجرين – وغالبًا ما يُشار هنا إلى المسلمين بشكل خاص.
و تشكل مقترحات فوكس، حسب خبراء قانونيين وحقوقيين، خرقًا واضحًا للمادة 14 من الدستور الإسباني التي تضمن المساواة أمام القانون، وتُعد مخالفة للاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان.
ورغم استحالة تطبيق هذه الطروحات من الناحية القانونية، إلا أن الخطورة تكمن في قدرتها على إعادة تشكيل المزاج الشعبي ضد المهاجرين، والتحريض على العنف أو التمييز في الحياة اليومية.
و تحوّل فوكس من حزب يميني محافظ إلى حامل لخطاب يميني متطرف بشكل صريح، يهدد ليس فقط المهاجرين، بل المبادئ الدستورية والديمقراطية التي بنيت عليها الدولة الإسبانية الحديثة.
و إن تحويل المهاجر النظامي إلى “غريب قانوني” هو ليس فقط ظلمًا، بل تهديدًا لهوية إسبانيا كدولة قانون، تسير وفق العدالة لا العرق، والمواطنة لا الأصول
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على WhatsApp
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على Telegram
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على X