
البرلمان الغائب.. من يحاسب ممثلي الشعب؟
هبة بريس – عبد اللطيف بركة
في مشهد بات يتكرر حد الابتذال، تحولت قاعة مجلس النواب إلى مسرح لكراسي فارغة، تغيب عنها الأصوات التي من المفترض أن تنطق باسم المواطنين، وتُدافع عن مصالحهم، وتناقش القوانين التي ترسم ملامح حاضرهم ومستقبلهم، في مشهد يُشبه الغياب… لكنه في حقيقته غياب للمسؤولية، وانسحاب صامت من المحاسبة.
أكثر من 300 نائب اختفوا عن جلسة مفصلية كان من المفترض أن تناقش قوانين تصنف ضمن خانة “الاستراتيجية”؛ قانون المسطرة الجنائية، قانون التراجمة المحلفين، والمجلس الوطني للصحافة، جل هذه القوانين تم التصويت عليها، نعم، لكن بـ47 صوتا فقط..هل هذا ما تعنيه الديمقراطية التمثيلية؟.
– أين أنتم يا ممثلي الأمة؟
في دولة تحلم بتحديث القضاء، وتوسيع الحقوق، وتنظيم الإعلام، يتم تمرير نصوص حيوية بهذا القدر من اللامبالاة، لم يعد الأمر مجرد تقصير فردي أو استثناء عابر، بل صار سلوكا جماعيا مقلقا يعيد طرح السؤال الكبير: من يُراقب من؟ ومن يُحاسب هؤلاء؟.
غياب النواب لا يقف وحيدا، بل يرافقه غياب آخر لا يقل خطورة فالوزراء أنفسهم بدورهم غائبون عن جلسات الأسئلة الشفهية، رغم ما تتيحه هذه الآلية الدستورية من محاسبة مباشرة للحكومة أمام البرلمان والشعب.
– رسائل البرلمان بلا صدى
رئاسة مجلس النواب لم تصمت، وجهت مراسلات رسمية، طالبت فيها الحكومة بالانضباط والحضور المنتظم، لكن النتيجة؟ صفر تفاعل، وصفر التزام. الجلسات ترفع، والأسئلة تبقى معلّقة في هواء البرلمان، بلا أجوبة.
– المواطن… المتفرج المتضرر
في زمن تشتد فيه الأزمات الاجتماعية والاقتصادية، ينتظر المواطن من برلمانه أن يكون في الصف الأمامي، يناقش، يحاسب، ويبادر. لكنه لا يجد سوى كراسي خالية، وجلسات تمرر فيها قوانين دون نقاش، وكأننا في “برلمان الصمت”.
آن الأوان لربط المسؤولية بالمحاسبة
لم يعد يكفي الحديث عن الإصلاحات في الخطب والتقارير،فالواقع التشريعي يصرخ بالحاجة إلى إعادة ضبط قواعد اللعبة السياسية: نائب لا يحضر؟ عليه أن يُحاسب. وزير لا يجيب؟ عليه أن يُساءل.
لقد وصلنا إلى لحظة الحقيقة: لا ديمقراطية دون محاسبة، ولا تمثيلية دون حضور فعلي، وإذا استمر الغياب دون رادع، فالمؤسسة التشريعية نفسها قد تفقد شرعيتها في أعين المواطنين.
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على WhatsApp
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على Telegram
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على X