التوغلات الخطيرة للجيش الجزائري داخل موريتانيا تنذر بأزمة إقليمية وتهدد استقرار المنطقة

هبة بريس

أحدثت التوغلات العسكرية الأخيرة التي نفذتها وحدات من الجيش الجزائري داخل الأراضي الموريتانية موجة قلق واستياء، لما تمثله من خرق صارخ للسيادة الوطنية الموريتانية، وكمؤشر خطير على التوتر الأمني المتصاعد في منطقة الساحل وشمال إفريقيا.

اقتحام قوات جزائرية للأراضي الموريتانية

ففي حادثة وُثّقت يوم الثلاثاء الماضي، عبر جنود جزائريون الحدود الموريتانية أثناء مطاردتهم لمهربين قادمين من مخيمات تندوف، في سلوك يعكس تخبطًا واضحًا في التعامل مع القضايا الحدودية، ويطرح تساؤلات حول قدرة الجزائر على ضبط حدودها دون المساس بأمن جيرانها.

هذه الواقعة ليست الأولى من نوعها. فقد شهدت منطقة “شاقات” في دجنبر الماضي واقعة مماثلة حين دخلت قوات جزائرية الأراضي الموريتانية خلال مطاردة منقّبين عن الذهب، دون تنسيق مسبق مع نواكشوط، ما خلّف ردود فعل غاضبة لدى السكان، وأثار توترا على المستويين الشعبي والرسمي.

يتكرّر هذا النمط من التجاوزات في ظل سياسة أمنية جزائرية تتعامل مع دول الجوار بنظرة فوقية، مستغلة الأوضاع المتوترة في المنطقة لتبرير التدخلات، كما يتضح في السلوك المماثل تجاه مالي، وأيضا في تغاضي الجزائر عن تحركات جبهة البوليساريو، التي تستغل المعابر الحدودية غير الخاضعة للرقابة لتوسيع دائرة نشاطها وتحركاتها.

الضغط على الجزائر

هذه الانتهاكات المتكررة تزيد من هشاشة الوضع الأمني في منطقة تعاني أصلًا من تهديدات متعددة، أبرزها الإرهاب، التهريب، والجريمة المنظمة. وهو ما يستدعي موقفًا دوليًا حازمًا، خصوصًا من مجلس الأمن، للضغط على الجزائر من أجل احترام السيادة الإقليمية لجيرانها والامتثال للقانون الدولي.

في المقابل، تزداد الحاجة إلى دعم القدرات الأمنية الموريتانية على الحدود، من خلال تزويدها بالتقنيات والرصد، وإيجاد آليات رقابة دولية تقلّص من قدرة الجماعات المسلحة والميليشيات على استغلال الثغرات الحدودية.

إن احترام الحدود الوطنية لم يعد مسألة سيادة فحسب، بل أضحى ضرورة استراتيجية لضمان أمن المنطقة واستقرارها. وأي تساهل مع هذه التجاوزات، يفتح الباب أمام انفلات أمني أوسع قد يطال كل دول المغرب الكبير ومنطقة الساحل الإفريقي، ما يفرض على كافة الأطراف الفاعلة تبني مقاربة دبلوماسية وأمنية متكاملة للحد من الانفلات.

 



قراءة الخبر من المصدر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى