المهرجان الإيطالي المغربي.. الجالية يعيدون رسم ملامح التعايش الثقافي

عبد اللطيف الباز – مكتب إيطاليا

ليست الثقافة مجرد تراث نحافظ عليه، بل جسور نبنيها للمستقبل. هذا ما تجلى بوضوح في مهرجان تريفيزو الإيطالي-المغربي، الذي احتفل في نسخته الحادية عشرة بعلاقة فريدة ومتشعبة بين إيطاليا والمغرب، تجمع بين العائلات، الأصدقاء، والهوية المتعددة الأبعاد التي تحملها الجالية المغربية المقيمة هناك.

المهرجان لم يأتِ في فراغ، بل جاء بعد سنوات من العمل المتواصل الذي راكم فيه الفاعلون الجمعويون ثقة المؤسسات الإيطالية، وفي مقدمتهم عبد الله خزرجي، الذي يُعرف بين الجالية بوفائه والتزامه بقضايا الثقافة والتقارب الحضاري.

في وقت بات فيه خطاب الكراهية يُهدد تماسك المجتمعات الأوروبية، يبرز مهرجان مثل هذا كاستثناء إيجابي، يراهن على قوة الفن والتبادل الثقافي لإعادة رسم صورة المهاجر المغربي، ليس كمجرد فرد يبحث عن فرص، بل كجسر حضاري يحمل معه تراثاً غنياً وأفقاً إنسانياً.

و لم يكن من قبيل الصدفة أن يكون حضور القفطان المغربي في قلب السهرة احتفاءً بالهوية النسائية المغربية، ولم يكن عرض الأفلام المغربية مجرد تسلية بل تأريخاً لسرديات منسية في الإعلام الأوروبي.

الوثائقيات التي عرضت، خصوصاً تلك التي تضم شهادات إيطاليين عاشوا في المغرب، جاءت لتكسر القوالب النمطية وتسلط الضوء على الجانب الآخر من الهجرة: هجرة العقول والقلوب نحو ثقافة الضيافة والتسامح.

وقد بدا لافتاً تكريم شخصيات من ضفتي المتوسط، وهو تكريم لثقافة الاعتراف المتبادل، في وقت باتت فيه المساهمات المشتركة بين الشعوب أكثر أهمية من أي وقت مضى.

أما الندوات الفكرية، فقد أثبتت أن الجالية المغربية لا تكتفي بالاحتفال، بل تُفكر، تُحلل، وتبادر؛ فهي تعي تماماً أن الثقافة اليوم لم تعد ترفاً بل ضرورة لبناء مجتمعات متماسكة. وأمام تحديات العنصرية والمغالاة في الهوية، فإن مهرجاناً مثل هذا يقف كواحة نور في قلب أوروبا.



قراءة الخبر من المصدر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى