
حملة “محاسبة” واسعة تشمل منتخبين وبرلمانيين ومسؤولين مؤسساتيين
هبة بريس – عبد اللطيف بركة
تشهد منظومة العدالة المغربية في الآونة الأخيرة حراكا غير مسبوق في التعاطي مع ملفات الفساد المالي والإداري، في إطار تكريس مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة وتفعيل المقتضيات القانونية ذات الصلة بالجرائم المالية.
وقد شرعت بهذا الخصوص رئاسة النيابة العامة في اتخاذ إجراءات عملية لتسريع وتيرة البحث والتحقيق في عشرات الملفات المعروضة منذ سنوات دون حسم قضائي.
ووفق معطيات متطابقة، فقد تم إصدار تعليمات مباشرة بإحالة التقارير الرقابية الصادرة عن المجلس الأعلى للحسابات والمفتشية العامة للإدارة الترابية على الأجهزة الأمنية المختصة، من بينها الفرق الجهوية للشرطة القضائية والفرقة الوطنية للدرك الملكي، وذلك من أجل فتح تحقيقات معمقة في وقائع يُشتبه في أنها تنطوي على جرائم مالية واختلالات في التدبير العمومي.
وتشمل هذه القضايا عدداً من الملفات التي سبق إنجاز تقارير مفصلة بشأنها، من بينها مشاريع اجتماعية تنموية، ومراكز استقبال حولت عن طبيعتها الأصلية، وكذا اختلالات رُصدت في تدبير صفقات عمومية ومشاريع إصلاح التعليم، بالإضافة إلى ملفات مرتبطة بمؤسسات استثمارية كبرى عرفت سوء تدبير خلال السنوات الماضية.
– مسؤولون ومنتخبون على طاولة التحقيق
وامتدت التحقيقات لتشمل رؤساء جماعات ترابية حاليين وسابقين، من بينهم من يشغلون مناصب برلمانية، إضافة إلى مسؤولين عن مؤسسات عمومية وهيئات محلية، وتشير التقارير إلى أن عدداً من هؤلاء يواجهون شُبهات تتعلق بتبديد أموال عامة، إبرام صفقات مشبوهة، والتورط في منح امتيازات غير مبررة.
وفي هذا السياق، تم تسجيل حالات تأخر غير مبررة في معالجة عدد من الملفات التي أنهت فيها الضابطة القضائية أبحاثها منذ أكثر من سنة، ما استدعى تدخل النيابة العامة لحث الجهات القضائية المختصة على تسريع الإجراءات واتخاذ القرارات المناسبة.
كما تم التنبيه إلى لجوء بعض المشتبه فيهم إلى وسائل للتهرب من المثول أمام جهات التحقيق، من بينها تقديم شواهد طبية مشكوك في صدقيتها.
– وزارة الداخلية تدخل على الخط
من جهتها، قامت وزارة الداخلية بإحالة ملفات إضافية على القضاء، بعضها يتضمن طابعاً جنائياً واضحاً، فيما أحيلت ملفات أخرى على المحاكم الإدارية لمباشرة مساطر العزل في حق رؤساء جماعات ترابية، بناءً على تقارير الافتحاص التي كشفت عن اختلالات خطيرة في التدبير المالي والإداري.
وتنصب هذه التقارير، بحسب مصادر مطلعة، على تجاوزات شملت مجالات التعمير، تدبير الموارد البشرية، الممتلكات الجماعية، وكذا الصفقات العمومية. وقد تم تجميعها في إطار عملية تتبع ومواكبة مارستها السلطات الإقليمية لمراقبة أداء الجماعات الترابية خلال النصف الأول من الولاية الحالية.
– نحو مرحلة جديدة من المحاسبة
كل هذه التحركات تأتي في سياق الالتزام بتوجيهات عليا دعت إلى تفعيل قواعد المحاسبة وربطها الفعلي بالمسؤولية، وعدم التساهل مع مظاهر الفساد أو التسيب في تدبير المال العام، وينتظر أن تعرف المرحلة المقبلة تحريك متابعات قضائية جديدة، قد تطال شخصيات نافذة في المجالين السياسي والإداري.
ويرى متابعون أن تسريع وتيرة هذه التحقيقات يمثل خطوة مهمة نحو تعزيز ثقة المواطنين في مؤسسات الرقابة والقضاء، ويوجه رسالة واضحة مفادها أن الإفلات من العقاب لم يعد ممكناً في ظل التوجه الجديد للدولة.
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على WhatsApp
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على Telegram
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على X