دول الساحل تقاطع ملتقى الجزائر وتترك شنقريحة يصرخ وحده: “مؤامرة!”

هبة بريس

في مشهد عبثي جديد يعكس انفصام المؤسسة العسكرية الجزائرية عن الواقع، أطلّ الجنرال السعيد شنقريحة، قائد أركان الجيش، يوم الأحد الماضي من منصة ملتقى سُمّي “الملتقى الوطني حول الساحل الإفريقي: التحديات الأمنية والتنموية”، ليكرر أسطوانته المشروخة حول “حسن الجوار” و”احترام السيادة”، متحدثاً عن “برامج تعاون عسكري” و”حلول سلمية مبنية على الحوار”، وكأن الرجل لا يشرف على واحد من أكثر الأنظمة عداءً لجيرانه.

شنقريحة يقصف أراضي الدول المجاورة

شنقريحة، الذي يقود جيشاً يغلق الحدود ويقطع العلاقات ويُسلّح المليشيات الانفصالية ويقصف أراضي الدول المجاورة، لم يجد أدنى تناقض بين خطابه وبين سجل النظام الكارثي في المنطقة.

فالملتقى عُقد في لحظة تتساقط فيها أوراق التوت عن الدبلوماسية الجزائرية، بعد انسحاب كل من مالي والنيجر من آليات التعاون الأمني مع الجزائر، وتفاقم العزلة الإقليمية بسبب التدخلات المفضوحة للمخابرات الجزائرية، دون نسيان العداء المعلن تجاه المغرب ودعم مليشيات البوليساريو في محاولة يائسة للنيل من وحدته الترابية.

اللافت أن الجنرال العجوز، الذي يحاول تقمّص دور “حمامة السلام”، لم يلقَ حتى اهتماماً من دول الساحل، التي تجاهلت تماماً هذا الملتقى المصطنع، وفضّلت الانسحاب بصمت من أية شراكة مع نظام لم يعد يُقنع أحداً.

أجندة عسكرية لقصر المرادية

مالي غادرت لجنة الأركان المشتركة، والنيجر أنهت التنسيق في قضايا الهجرة، وبوركينا فاسو تنأى بنفسها عن أية أجندة عسكرية خارجية تُدار من قصر المرادية أو من الثكنات.

ومع ذلك، لا يزال النظام الجزائري يعيش في حالة إنكار، مفسّراً هذا التململ الجماعي على أنه “مؤامرات خارجية”، رافضاً الاعتراف بأن زمن الإملاءات الجزائرية قد ولى، وأن الدول الإفريقية باتت تملك قرارها وتدرك جيداً من يُقوّض الاستقرار باسم الشعارات الثورية المهترئة.

نظام يعزل نفسه

الحقيقة أن الجزائر، بقيادتها العسكرية التي تمسك بخيوط الحكم، لم تعد جزءاً من الحل في الساحل، بل أصبحت عبئاً ثقيلاً، ومعضلة حقيقية.

نظام يزرع التوتر ويتحدث عن الحوار، يعزل نفسه ثم يتباكى على العزلة، ويتقن الهروب إلى الأمام عبر شعارات لم تعد تقنع حتى أصحابها.

إنه منتهى العبث: جنرالات يعتقدون أن بوسعهم إحراق الإقليم وبيع صورة “الوسيط المحايد” في الوقت نفسه.



قراءة الخبر من المصدر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى