عصابات إجرامية تختلس 500 مليار سنتيم من الضرائب وسط صمت النظام الجزائري

هبة بريس

تشكل العائدات الضريبية أحد أبرز مصادر تمويل ميزانيات الدول عبر العالم، ولهذا تُحاط أنظمة الجباية عادة بمنظومات قانونية صارمة وخبرات تقنية تحول دون التلاعب أو التهرب. لكن في الجزائر، يبدو أن الأمور تسير في اتجاه مغاير تمامًا، حيث تحولت مصالح الضرائب إلى مرتع للفوضى يتلاعب فيه المحتالون والمجرمون وكأنهم في غياب تام للرقابة.

التهرب من الضرائب

وقد جاء تأكيد هذا الواقع من قلب المؤسسة الأمنية ذاتها، إذ أعلنت المصلحة المركزية لمكافحة الجريمة المنظمة عن تفكيك شبكة إجرامية معقدة تعمل تحت غطاء شركات وهمية تم إنشاؤها في ولايات جزائرية متعددة بهدف التهرب من الضرائب.

التحقيقات كشفت عن خطة متقنة أعدها متورطون قاموا بتأسيس كيانات صورية لا تمارس أي نشاط اقتصادي فعلي، لكنها منخرطة في صفقات وهمية ومعاملات مالية مزيفة اعتمادًا على فواتير وسجلات تجارية مزورة، ومن خلالها تم تحويل مبالغ ضخمة إلى ما يسمى مشاريع استثمارية، الهدف منها تبييض الأموال.

تهم ثقيلة

هذا النشاط الإجرامي الضخم لم يُكشف إلا مؤخرًا، وأسفر عن توقيف 47 شخصًا واسترجاع ما يقارب 24 مليار سنتيم من الأموال، بالإضافة إلى تجميد أرصدة بنكية بقيمة 78 مليار سنتيم، إلى جانب حجز ممتلكات منقولة تقدر بـ400 مليار سنتيم، فضلاً عن عقارات موزعة بين العاصمة وعدة مدن كبرى.

وقد تمت إحالة المتهمين على أنظار وكيل الجمهورية بالقطب الاقتصادي والمالي لمحكمة سيدي أمحمد، حيث وُجهت لهم تهم ثقيلة تتعلق بتبييض الأموال، التهرب الضريبي، والتزوير واستعمال المزور.

مصير مجهول للتحقيقات

لكن الملفت في هذا النوع من القضايا هو الطابع المتكرر الذي باتت تتخذه، حيث تُعلن السلطات الجزائرية أسبوعيًا عن شبكات مماثلة تنشط في قطاعات متعددة، وغالبًا ما توصف بأنها “أخطبوطية” بحكم تشعبها وامتداداتها.

المُقلق أن هذه القضايا تنتهي عند حدود الإعلان الإعلامي، دون أن تَصدر لاحقًا أي معلومات عن مآل التحقيقات أو ما إذا تم الوصول إلى الرؤوس المدبرة، ما يثير الشكوك حول إمكانية وجود “حصانة غير معلنة” لقيادات الشبكات، ويُعزز الانطباع بأن صغار المتورطين يُضحى بهم، بينما تبقى الشخصيات النافذة في مأمن من الحساب.



قراءة الخبر من المصدر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى