في بلاد البترول والغاز.. الجزائر تجرّ مواطنين إلى السجن بتهمة بيع سياراتهم

هبة بريس

تتفاقم أزمة السيارات في الجزائر، لتتحول إلى صدام مباشر بين سلطات النظام العسكري والمواطن الجزائري، بعدما لجأت السلطات إلى اعتقال سبعة أشخاص في قضيتين منفصلتين، لا لشيء سوى لأنهم حاولوا بيع سياراتهم من نوع “فيات دوبلو بانوراما” العائلية، في خطوة فسّرتها الدولة على أنها “مضاربة”، رغم أن بعضهم لم يفعل سوى عرض السيارة للبيع على منصة إلكترونية.

قبضة أمنية على سوق السيارات

في العاصمة الجزائر، كانت البداية حين قام أحد مالكي السيارات بعرض سيارته على موقع معروف محلياً، مقابل مبلغ يتجاوز 5 ملايين سنتيم (أقل من 38 ألف دولار)، لتعتبر السلطات هذا السلوك “جريمة اقتصادية”، بدعوى خرقه لقرارات منع إعادة بيع السيارات الجديدة قبل مرور ثلاث سنوات، وهي تعليمات تُفرض بقبضة أمنية على السوق بحجة “تنظيمه”.

وجاء الرد سريعاً من محكمة بئر مراد رايس، التي أمرت بإيداع أربعة أشخاص الحبس الاحتياطي، من بينهم وكيل معتمد لعلامة “فيات”، بتهمة “المضاربة غير المشروعة”، في سابقة تثير الكثير من علامات الاستفهام حول طبيعة النظام القضائي الذي يزج بالمواطنين في السجون بسبب رغبتهم في بيع سياراتهم.

تهديد أمني

المشهد تكرر شرق البلاد، حيث قررت محكمة عين البيضاء بولاية أم البواقي الزج بثلاثة آخرين في السجن الاحتياطي، من بينهم وكيل رسمي آخر، وُجهت إليه تهمة تسويق السيارات عبر وسطاء.

ورغم أن الأمر يبدو مجرد تحرك طبيعي في سوق يعاني من الشح والجمود، إلا أن السلطات رأت فيه تهديداً أمنياً يتطلب تدخل العدالة!

وفي خطوة تؤكد نزعة المراقبة الأمنية المتزايدة، سارعت الحكومة إلى إطلاق منصة إلكترونية خاصة لرصد عمليات البيع وإعادة البيع، تحت إشراف مشترك لوزارات الداخلية والعدل والتجارة والصناعة، في مشهد يعكس مدى الخوف من أي حركة في السوق خارج رقابة السلطة.

الإجراءات القمعية

وقد فرضت وزارة الصناعة على المشترين التوقيع على التزام خطي بعدم إعادة بيع سياراتهم إلا بعد مرور 36 شهراً، تحت طائلة تهم المضاربة وسيف الجمارك الذي يفرض غرامات ثقيلة تصل إلى 100 في المائة من ثمن السيارة إذا بيعت في السنة الأولى، و66 في المائة في الثانية، و33 في المائة في الثالثة.

وتأتي هذه الإجراءات القمعية في سياق محاولات النظام الترويج لما يسميه “الصناعة الجزائرية”، من خلال تجميع سيارات “فيات” في مصنع وهران التابع لمجموعة “ستيلانتيس”، رغم أن نسبة الإدماج عند بداية الإنتاج سنة 2023 لم تتجاوز 10 في المائة.

ومع ذلك، يصر النظام على تسويق الأوهام حول الوصول إلى 30 في المائة بحلول 2026، متجاهلاً واقع السوق المختنق، ومعاناة المواطن الجزائري المحاصر بين فشل اقتصادي وتضييق أمني خانق.



قراءة الخبر من المصدر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى