كورنيش الناظور.. مشروع ملكي يضيع في زوابع الإهمال والفساد

هبة بريس- محمد زريوح
في صورة تدمج الإهمال مع الفشل في التدبير، يعكس كورنيش مدينة الناظور صورة غير مشرقة لما يمكن أن يكون فضاء طبيعيًا ساحرًا على واجهة البحر. عشب أصفر، مراحيض مغلقة ومتلفة، وأشجار ذابلة، هذه هي المشاهد التي يستقبلها الزوار والسكان عند زيارة هذا المكان، الذي كان من المفترض أن يكون متنفسًا طبيعيًا وحيويًا للمدينة.
ومع توافد أعداد كبيرة من الزوار والسياح خلال فصل الصيف، في وقت تُنظم فيه مهرجانات فنية وطنية ودولية، كان من المتوقع أن يكون كورنيش الناظور في أبهى حلة. لكن الواقع يبدو بعيدًا عن هذا التصور، إذ أن الزوار يواجهون تدهورًا بيئيًا وجماليًا لا يتناسب مع سمعة المدينة كوجهة سياحية.
وتتحمل تهيئة وكالة مارشيكا  المسؤولية الكاملة عن الوضع الحالي للكورنيش. فهذه الوكالة، التي كانت من المفترض أن تلعب دورًا محوريًا في تطوير المنطقة، فشلت في الحفاظ على المرافق العامة وصيانتها بما يتناسب مع أهمية هذا المكان. بدلاً من أن يكون كورنيش الناظور نقطة جذب سياحي، أصبح فضاء مهملًا يفتقر إلى أبسط مقومات النظافة والراحة.
من بين أهم المشاكل التي يواجهها الكورنيش هي الخدمات الأساسية التي يجب أن تكون متوفرة في مثل هذه الأماكن العامة، مثل المراحيض وحاويات النفايات. للأسف، تم إغلاق العديد من المراحيض، بينما الحاويات في حالة مزرية، مما يشكل تهديدًا للنظافة العامة. وهذا يعكس غياب الاهتمام من طرف الجهات المعنية.
كما أن مشكلة الإضاءة على الكورنيش تعد من بين القضايا التي أثرت على راحة السكان والزوار. معظم الأعمدة مكسورة أو غير عاملة، ما يعرض المكان إلى الظلام التام في ساعات المساء، مما يزيد من شعور الإحباط من قبل السكان الذين يرون أن هذا المكان لم يعد يليق بمدينة سياحية مثل الناظور.
إضافة إلى ذلك، فإن معدات الرياضة في الهواء الطلق، التي كانت مفترضًا أن تكون جزءًا من هذا الفضاء الحيوي، أصبحت متهالكة وغير قابلة للاستخدام. في حين كان من المفترض أن تكون هذه المعدات إضافة تعزز من جاذبية الكورنيش، إلا أنها أصبحت اليوم عبئًا على من يرغب في ممارسة الرياضة أو الترفيه في المكان.
أبناء مدينة الناظور، الذين لم يعودوا قادرين على تحمل الإهمال المتزايد لمشاريع المدينة السياحية، طالبوا بتدخل عاجل من عامل الإقليم. مطالبهم تنصب على ضرورة التدخل الصارم من قبل المسؤولين من أجل تصحيح الاختلالات، وصيانة المرافق العمومية، وإعادة الروح إلى هذا الكورنيش الذي يمثل واجهة المدينة.
لا يخفى على أحد أن الناظور، كما العديد من المدن المغربية، تعاني من تحديات تتعلق بالبنية التحتية والنظافة العامة. ولكن عندما يتعلق الأمر بكورنيش المدينة، فإن الوضع يكون أكثر إيلامًا. ذلك أن هذا المكان يمكن أن يشكل ركيزة حيوية لمستقبل السياحة في المدينة، إذا تم الاهتمام به وتطويره بشكل جاد ومسؤول.
في نهاية مأساوية لمشروع ملكي ضخت فيه ملايين الدراهم، يبدو أن كورنيش الناظور يسير في طريقه نحو الاندثار. هذا المشروع، الذي كان من المفترض أن يكون معلمًا سياحيًا يفتخر به سكان المدينة والزوار، أصبح مثالًا صارخًا على سوء التدبير والإهمال. فبينما كانت الأموال تُضخ في المشروع، كان الإهمال والتقصير هو السائد.
ولعل الأسوأ من ذلك هو أن المديرة الجديدة، التي كانت من المفترض أن تعيد الأمل لهذا المشروع، سيتم توقيفها ومحاسبتها، جنبًا إلى جنب مع المدير العام السابق المقال والمتابع في قضايا فساد الأموال. هذا الفصل المؤلم من المشروع الملكي يظل يطرح تساؤلات عن مصير المشاريع الوطنية الأخرى ومدى كفاءة الجهات المسؤولة عنها.
وفي مشهد مؤسف، لم تعد المساحات الخضراء التي كانت تزين الكورنيش صالحة، حيث احترقت وتم تدميرها بالكامل، ليُضاف إلى قائمة الإخفاقات فضيحة أخرى تلطخ تاريخ هذا المشروع الذي كان يُنتظر منه الكثير.



قراءة الخبر من المصدر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى