
لتلميع صورتها.. شركة INWI تستنزف احتياطي المغرب من العملة الصعبة
هبة بريس ـ الرباط
في ظل الوضعية الاقتصادية المتقلبة التي يمر بها المغرب، ومع الجهود المبذولة للحفاظ على احتياطي البلاد من العملة الصعبة وتعزيز مداخيلها الداخلية، تبرز ممارسات مقلقة من طرف بعض الشركات الكبرى، وعلى رأسها شركة “إنوي”، الفاعل الثالث في قطاع الاتصالات بالمغرب، و التي اختارت تسويق صورتها على حساب الاقتصاد الوطني، من خلال صرف مبالغ طائلة على حملات إعلانية رقمية في منصات أجنبية، دون أي عائد مباشر للمغرب.
فعوض أن تستثمر شركة INWI في دعم الإعلام الوطني، الذي يعاني من أزمة بنيوية ويبحث عن سبل للبقاء والاستمرار، فضلت “إنوي” ضخ ملايين الدراهم من العملة الصعبة في حسابات شركات مثل “ميتا” الأجنبية عبر منصات فيسبوك وإنستغرام و “غوغل” عبر يوتيوب، تحت ذريعة “الوصول إلى الجمهور المغربي”، علما أن هذا الجمهور نفسه يتابع يوميا المحتوى المحلي عبر مواقع وصحف وطنية قادرة على إيصال الرسائل الإعلانية بشكل أكثر تأثيرا ومهنية.
اللافت للانتباه أن هذه العمليات تتم عبر وكالات أجنبية أو فروع إعلانية مغربية تشتغل كوسطاء غير مباشرين، و تمرر من خلالها ميزانيات ضخمة إلى منصات رقمية أجنبية لا تخضع لأي التزام ضريبي داخل المغرب، ولا تساهم بأي شكل في الاقتصاد الوطني، بل تكتفي بجني الأرباح وتسويق محتوى سطحي أو استهلاكي بعيد عن القيم والمصالح الوطنية.
ما تقوم به “إنوي” يعتبره البعض نزيفا حقيقيا لاحتياطي البلاد من العملة الصعبة، وضربا مباشرا لمجهودات الدولة في تقنين التحويلات الخارجية، خصوصا أن هذه التحويلات الإشهارية تتم في ظل غياب معطيات دقيقة و شفافة حول حجم المبالغ المحولة، وطبيعة العقود المبرمة، والجهات المستفيدة منها فعليا.
ويطرح هذا السلوك الذي تمارسه و ما تزال شركة INWI أسئلة مشروعة حول منطق “المسؤولية المواطنة” التي تتغنى بها الشركات الخاصة في شعاراتها، وحول مدى التزام “إنوي” فعلا بدعم النموذج التنموي الجديد الذي يجعل من الاقتصاد الوطني، والتحول الرقمي، والسيادة الإعلامية أولويات استراتيجية.
فكيف يمكن الحديث عن “وطنية اقتصادية” إذا كانت إحدى أبرز شركات الاتصالات تختار الاستثمار في منصات أجنبية لا تؤمن سوى بالربح، ولا تعبأ لا بالقانون المغربي، ولا بالإعلام الوطني، ولا حتى بمبدأ العدالة الاقتصادية؟
وأكثر من ذلك، من يراقب هذه العمليات؟ وأين هي المؤسسات الرقابية كالمجلس الأعلى للحسابات ومكتب الصرف من هذه التحويلات التي تطرح أكثر من علامة استفهام؟ وهل يعقل أن تستمر شركات بحجم “إنوي” في تحويل ملايين الدراهم من العملة الصعبة سنويا دون مساءلة أو تقييم للأثر الاقتصادي أو المجتمعي؟
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على WhatsApp
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على Telegram
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على X