هبة بريس
وجدت ما يُسمى بـ”مجلة الجيش”، البوق الدعائي الرسمي للطغمة الحاكمة في الجزائر، نفسها في موقف لا تُحسد عليه بعدما أقدم سبعة أطفال قُصَّر على مغامرة جنونية عبر زورق مسروق في اتجاه السواحل الإسبانية، في حادثة صادمة لفتت أنظار الإعلام الدولي وأثارت استغرابه.
وبدل أن تعترف المجلة بواقع بئيس جعل أطفالاً يغامرون بسرقة قارب لمواجهة رحلة موت عبر المتوسط، فقط لأنهم يبحثون عن كرامة مفقودة ومكان يُعاملون فيه كبشر، لجأت إلى التمويه وتضليل الرأي العام بطرقها المعتادة.
فقد حاولت بشكل مفضوح التخفيف من وقع الفضيحة بالادعاء أن الهجرة غير النظامية “ظاهرة كونية لا تخص بلداً بعينه”، وأن الجزائر ليست استثناءً منها. وكأنها تقول للعالم: “إذا غرقنا فلنغرق جميعاً”.
ولم تتوقف عند ذلك، بل ألقت بالمسؤولية على “أجندات إعلامية معادية” تسعى ـ على حد زعمها ـ لتشويه صورة الجزائر في الخارج، متناسية أن أول عدو لصورة الجزائر هو النظام العسكري نفسه، بسياساته الغبية التي لا تجلب سوى الخزي، وبإعلامه البئيس الذي كلما أطلق سهماً ارتد إلى صدره.
ولأنها عاجزة عن تسمية “الأعداء” المزعومين، استسهلت المجلة اتهام “الفضاء الافتراضي” بأنه يستدرج الأطفال ويزرع فيهم صورة سوداوية عن وطنهم، في منطق عبثي لا يقنع حتى كاتبه.
وتمادياً في لعبة المؤامرة، زعمت المجلة أن “وسائل إعلام معادية” ضخّمت واقعة هروب سبعة قاصرين يوم 5 شتنبر 2025 من قلب العاصمة الجزائرية، بغرض “ضرب استقرار الجزائر وتشويه مؤسساتها”.
وفي مقال مليء بالإنشاء والادعاءات المختلقة، حمّلت المجلة جهة مجهولة ما أسمته “أجندات خفية ونوايا خبيثة” سعت ـ حسب زعمها ـ إلى تسويق الحادثة بشكل انتقائي للإساءة إلى الجزائر.
ولكن الحقيقة الصارخة أن مجرد خبر عن أطفال يهربون من بلد يُفترض أنه “قوة ضاربة” كان كافياً ليكشف هشاشة هذا الوهم، ويطرح السؤال الكبير: أين هي تلك “القوة” المزعومة إذا كانت بضع مقالات تُربك استقرارها المزعوم؟
0 تعليقات الزوار