
فوضى “جيتسكي” بمنتجع سيدي بوزيد.. ودورية مشتركة وقرار عاملي “غير مفعلين”!
مصباح أحمد – الجديدة
بحلول فصل الصيف والاصطياف، باتت ممارسة الرياضات الترفيهية على الشاطئ، بواسطة آلات بحرية، من قبيل الدراجة المائية، أو ما يعرف ب”جيتسكي”، تستأثر باهتمام المتتبعين للشأن العام والمواطنين بالجديدة؛ هذه الرياضة التي كانت بالمناسبة مع بزوغها بالمغرب حكرا على الطبقة الغنية، قبل أن تنتشر وتعرف طريقها، في السنوات الأربعة الأخيرة، إلى الطبقة المتوسطة وحتى الفقيرة والكادحة.
ويكتسح هذا النشاط الرياضي الترفيهي، فصل الصيف، على وجه الخصوص شاطئ منتجع سيدي بوزيد السياحي، الكائن حوالي 4 كيلومترات جنوبي عاصمة دكالة.
رياضة الإبحار بسيدي بوزيد
إن ممارسة رياضة “جيتسكي” تكاد تنحصر بإقليم الجديدة، في شاطئ منتجع سيدي بوزيد، الذي أضحى وجهة مفضلة للمصطافين من داخل وخارج أرض الوطن. حيث إن هذا الشاطئ المحدود طولا وعرضا، يمتد بالمناسبة مما يعرف ب”دار الخطيب”، إلى الشاطئ الصخري، قبالة الحي السكني بالشطر الخامس.
فممارسو رياضة الإبحار والدراجات المائية يضايقون بتحركهم جنبا إلى جنب، المصطافين والسباحين، ويعرضون سلامتهم للخطر، جراء التسبب في حوادث خطيرة، قد تعجل بنقل بعضهم إلى قسم المستعجلات بالمركز الاستشفائي الإقليمي بالجديدة.
كما أن ممتهني الأنشطة التجارية الموسمية، يعرضون للكراء الدراجات البحرية (les jets skis)، التي باتت تتخذ، في ظاهرة مثيرة، من شاطئ المنتجع السياحي موقفا لها؛ ناهيك عن الاكتساح المقلق، في احتلال للرمال والملك البحري، لكراء الواقيات الشمسية (البارصولات). ما يضيق الخناق على المصطافين، ويزعج راحتهم.
تنظيم موسم الاصطياف لسنة 2025
إن الإقبال المضطرد على “جيتسكي” بشاطئ سيدي بوزيد، يجر إلى التساؤل بقوة حول عملية تنظيم هذه الرياضة الترفيهية، صيف هذه السنة، على شواطئ إقليم الجديدة الخلابة.
فقد أصدرت السلطة الإقليمية الأولى، ممثلة في عامل إقليم الجديدة، قرارا عامليا (decision gubernatoriale) رقم: 39، بتاريخ: 28 أبريل 2025، في موضوع تنظيم موسم الاصطياف، بشواطئ الإقليم. وهو القرار الذي توجه به العامل، حسب مسؤول أمني، إلى جميع المتدخلين إقليميا ومحليا، من سلطات محلية، وجماعات ترابية، ومجلس بلدي، ومديرية التجهيز، والأمن الإقليمي والقيادة الجهوية للدرك الملكي، كل حسب اختصاصاته وصلاحياته. حيث إن بنود القرار المرجعي قد نصت على ما هو ممنوع، وما هو مسموح بمزاولته في الشواطئ، والتي من بينها البند المتعلق بمزاولة وممارسة النشاط الترفيهي بآلة بحرية، كما جاء في المادة الأخيرة، التي نصت على تعليق ممارسة هذا النوع من النشاط على مستوى شواطئ إقليم الجديدة، لما يشوبها من خطورة ومخاطر على المصطافين. هذا، فيما يسمح بمزاولته في الشواطئ، التي تضع فيها مديرية التجهيز علامات التشوير، على أن يتم ذلك خارج المنطقة المحددة للمصطافين.
هذا، وبالوقوف عند المادة الأخيرة، يلاحظ أن ثمة تناقضا صارخا؛ إذ تم تعليق المزاولة، وفق ما ذهبت إليه الفقرة الأولى، على خلاف وخلافا لما ذهبت إليه الفقرة الثانية، والتي تشترط أن تتحمله لوحدها مديرية التجهيز. ما يطرح على إثره التساؤل حول ما يلي: هل هناك قانون يقنن مزاولة هذا النشاط؟ ومن هم المسؤولون، الموكول إليهم بتنزيل وتنفيذ وترجمة هذا القانون على أرض الواقع؟
الإطار القانوني بممارسة هذا النشاط
إن مجمل أحكام مزاولة هذا النشاط الترفيهي، تجمعه وتؤطره الدورية المشتركة رقم: 5991، بتاريخ: 23 غشت 2013، الموقع عليها بين وزير الداخلية، ووزير التجهيز، ومدير إدارة الدفاع الوطني. حيث تنقسم إلى قسمين: فالقسم الأول يشمل المادة الأولى الخاصة بالوثائق وشروط امتلاك آلة بحرية، من نوع “جيتسكي”؛ بينما تنص المادة الثانية على شروط الإبحار، الملزم بها الممارس، ونقط الخروج والدخول والطريق المحددة لذلك؛ في حين نصت الفقرة الرابعة من الدورية المرجعية، على عدم إمكانية ممارسة النشاط الترفيهي بآلة بحرية إلا في الشاطئ الذي يتم فتحه أمام الممارسين، من طرف الوالي أو العامل، حسب معايير وشروط سلامة المصطافين. كما جاءت المادة الثامنة خاصة بالعقوبات؛ حيث إن من لم يحترم مواد هذه الدورية، يتعرض للسحب المؤقت أو النهائي للوثائق، مع حجز الآلة البحرية. هذا، فيما يشمل القسم الثاني أحكام وشروط ممارسة كراء هذا النوع من الآلات البحرية، بدءا من رخصة استغلال الملك البحري، إلى خصائص الآلات البحرية المكتراة، وشروط ممارسة عقد الكراء.
تنفيذ القانون بشواطئ الجديدة
لقد اتصف هذا النشاط الرياضي، الذي تبقى ممارسته بإقليم الجديدة حكرا على شاطئ سيدي بوزيد، بالعشوائية والإفلات من العقوبات، بسبب عدم تطبيق مواد ومقتضيات هذه الدورية المرجعية، حد التراخي، أو ما يعرف ب (loi laxiste).
فقد عرفت هذه الرياضة البحرية وقوع حوادث، كان ضحيتها مصطافون، دون إغفال للفوضى والبلطجة التي يتسبب فيها ممتهنو كراء آلات الإبحار، دراجات “جيتسكي”، في غياب توفرها على “تامين”.. غير أنه في غضون سنة 2021، وبوصول القائد الجهوي للدرك الملكي الجديد، ورئيس سرية الدرك البحري، وجراء التنسيق مع المصالح المختصة لدى عمالة الجديدة، تم اعتماد خطة عمل قانونية، يقننها قرار عاملي، حدد بموجبه شاطئ منتجع سيدي بوزيد، كمكان لممارسة رياضة “جيتسكي”، مع تحديد المخالفات والعقوبات المترتبة، تبعا لخطورتها. إذ جرى تطبيق وتنزيل خطة العمل هذه على أرض الواقع، إلى غاية سنة 2022.
حيث أعطت المنهجية المتخذة آنذاك نتائج إيجابية، نالت استحسان المصطافين وممارسي الرياضة الترفيهية “جيتسكي”.
تراجع مثير.. وآمال تعقد على العامل الجديد
بتعليمات من عامل إقليم الجديدة السابق والسلطات المحلية، وبتنسيق مع جميع المتداخلين، تم سنتي 2023 و2024، بصفة نهائية تعليق ممارسة “جيتسكي” بصفة نهائية في شاطئ سيدي بوزيد آو أي شاطئ بإقليم الجديدة.
هذا، وجراء هذا التراجع المثير، فإن الترقب يظل، صيف هذه السنة، سيد الموقف، والآمال معقودة على عامل إقليم الجديدة الجديد، عقب تقلده مهام السلطة الترابية الإقليمية، سيما بعد أن أصدر القرار العاملي عدد: 45، بتاريخ: 12 أبريل 2025، الذي يتعلق بتنظيم أنشطة الرياضة المائية بالشواطئ التابعة لإقليم الجديدة، والتي كانت تمتد على طول 150 كيلومترا، قبل أن يخرج من رحم ترابه إقليم سيدي بنور، ويستقل عنه شاطئ منتجع الوليدية؛ هذه الشواطئ التي تشمل بالمناسبة شواطئ الجديدة والحوزية المركز ومازغان والكولف وسيدي بوالنعايم وللاعايشة البحرية والحويرة وأرض البحر سندس والحويرة وسيدي بوزيد وسيدي عابد والحرشان والغويرات ومريزيقة وسيدي موسى وسيدي بلخير وبوفار.
فهل سيتم، هذا الصيف، فتح شاطئ سيدي بوزيد، ومعه بالمناسبة شاطئ أو شواطئ أخرى، من ضمن تلك التي يزخر بها إقليم الجديدة، بحكم وقوة المادة الرابعة من الدورية المرجعية، التي تشترط على عامل الإقليم تحديد مكان الممارسة، سيما أن شاطئ منتجع سيدي بوزيد لم يعد قادرا، نظرا لصغر وضيق فضائه ومساحته المحدودة جدا، على استيعاب أعداد المصطافين الهائلة والمتزايدة، من داخل وخارج أرض الوطن؟
وهل ستعمد السلطات الإقليمية والمحلية، وعلى رأسها عامل الإقليم، إلى وضع حد للعشوائية والفوضى العارمة التي تشوب النشاط التجاري الموسمي، ومن ثمة التصدي للكراء غير المرخص، في غياب كناش التحملات، يكون ببنود واضحة ومحددة، ومطابقا للمقتضيات والشروط التي نصت عليها الدورية المرجعية؟
استنتاجات وتوصيات واقتراحات
استنادا إلى ما أثير، من قوانين تنظيمية وإجراءات تأطيرية، ودراسة للحالة على سواحل وشواطئ إقليم الجديدة، يتبين بالواضح والملموس أن ممارسة النشاط البحري الرياضي والترفيهي “جيتسكي”، يلزم تطبيق بنود الدورية المشتركة، المشار إليها في المرجع أعلاه، وكذا، تظافر جهود جميع المتداخلين، من عامل إقليم الجديدة، وسلطات إقليمية ومحلية، وجماعات ترابية، ومنتخبين، ومديرية التجهيز، وأجهزة أمنية ودركية، كل من موقع مسؤوليته واختصاصاته وصلاحياته، بغية تنفيذها وترجمتها على أرض الواقع.
وبالنظر إلى كون منتجع سيدي بوزيد السياحي لم يعد قادرا، للاعتبارات السالفة الذكر، قادرا على استيعاب الكم الهائل من المصطافين وممارسي رياضة “جيتسكي” وآلات الإبحار، والذين زاد عددهم على التوالي، حسب إحصائيات سنة 2022، عن 3000 مصطافا و40 دراجة بحرية (جيتسكي)، في اليوم. ما يستدعي من عامل إقليم الجديدة ومعه السلطات المحلية، إضافة شواطئ أخرى من تلك التي يزخ بها الإقليم، بغية توسيع قاعدة وبيئة ممارسة هذه الرياضة الترفيهية بشواطئ الإقليم، والتي ستساهم في التنمية البشرية والاقتصادية، وفي تأهيل السياحة، وتعود بالنفع على الجماعات الترابية، التي يغطي نفوذها هذه الشواطئ.
وبالموازاة مع ذلك، فإنه بتعين بالمناسبة الحضور الميداني القوي للمكلفين بالمراقبة وزجر المخالفات، المترتبة عن خرق القانون والدورية المشتركة المرجعية، تفاديا لوقوع حوادث تهدد سلامة المصطافين والمواطنين، كما وقع مؤخرا بشاطئ سيدي رحال، جراء إصابة طفلة، دهستها ناقلة “جيتسكي” تجرها سيارة، وكذا، لوصع حد لبلطجية كراء الدراجات البحرية، وتقنين مزاولة النشاط الترفيهي، طبقا وتطبيقا لمقتضيات القانون.
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على WhatsApp
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على Telegram
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على X