أيت الطالب يراهن على معادلة صعبة بفاس.. تسريع الاستثمار وترسيخ الحكامة في الجهة

حجم الخط:

هبة بريس- ع محياوي

منذ تعيينه على رأس ولاية جهة فاس–مكناس يوم أمس الجمعة، وجد الوالي خالد أيت الطالب نفسه أمام تحدٍّ كبير يتمثل في تحسين أداء الإدارة الترابية بالجهة، وترسيخ مناخ مؤسساتي أكثر فعالية، قادر على مواكبة الدينامية التي تعيشها العاصمة العلمية والجهة ككل، خاصة مع تسارع المشاريع البنيوية والتحضيرات لرهانات كبرى في أفق 2030 وتنقية محيطه من الفساد.

يُعـدّ خالد أيت الطالب من الأطر الإدارية المغربية التي راكمت تجربة وازنة في تدبير المرفق العمومي، حيث جمع بين الكفاءة المهنية والالتزام المؤسساتي. وقد عُرف بتشبّثه بأخلاقيات المسؤولية، واعتماده أسلوبًا يجمع بين الصرامة والانضباط، والإنصات لنبض الميدان. وبرز بشكل لافت خلال تحمّله لحقيبة وزارة الصحة في مرحلة دقيقة من تاريخ المنظومة الصحية الوطنية، ما منحه خبرة عميقة في تدبير الملفات المعقدة وإدارة الأزمات، وأكسبه قدرة عالية على قيادة التغيير داخل المؤسسات العمومية.

الولاية اليوم ليست فقط فضاءً لتدبير الشأن المحلي، بل رافعة محورية لإنجاح مخططات التنمية التي تسابق الزمن، من تأهيل البنية التحتية، وتسريع وتيرة الاستثمار، إلى تحديث الخدمات الإدارية وتبسيط المساطر أمام المواطنين وحاملي المشاريع. وفي هذا السياق، يراهن الفاعلون المحليون على أن المرحلة الجديدة ستتجه أكثر نحو تعزيز الحكامة، وربط المسؤولية بالنتائج، واعتماد إدارة مواطنة تُغلّب منطق النجاعة والمردودية.

وتشير معطيات ميدانية إلى أن الجهة تعرف بالفعل تحولات إيجابية لافتة في عدد من الملفات، خاصة على مستوى هيكلة المشاريع وتدبير الاستثمار، حيث يتم التنويه بمجموعة من الكفاءات الجهوية وعلى رأسهم المدير العام لتهيئة فاس هشام القرطاسي والمدير الجهوي للإستثمار محمد الصابري التي أظهرت خدماتهم التزامًا مهنيًا عاليًا وأسهمت في تحريك ملفات كبرى كانت تراوح مكانها في السابق. كما يُسجَّل تفاعل متزايد من قِبل الفاعلين الاقتصاديين مع الإدارة الجهوية، وارتياح واضح لدى المستثمرين بخصوص مواكبة مشاريعهم وتسريع آليات التنسيق المؤسسي.

وفي مدينة فاس، برزت دينامية تنفيذية جديدة أعطت دفعة نوعية لعدد من الأوراش التنموية، حيث يشير متتبعون إلى أن بعض المسؤولين أظهروا نموذجًا في الجدية والتفاني في تتبُّع الملفات، والتفاعل العملي بدل الإعلامي، وهو ما انعكس إيجابًا على تقدم المشاريع وفق الجداول الزمنية المحددة، وخلق بيئة مهنية ترتكز على الالتزام والفعالية.

والي الجهة اليوم يُنظر إليه باعتباره قائدًا إداريًا يسعى إلى تجاوز منطق التدبير التقليدي نحو إدارة ترابية حديثة، تتطلب رؤية استراتيجية واضحة، وانضباطًا مؤسساتيًا عاليًا، وإشراكًا واسعًا للطاقات القادرة على رفع التحديات.

غير أن مسار التغيير الحقيقي كما يجمع عليه المتابعون لا يُقاس بالشعارات، بل بقدرته على:

تعزيز الثقة بين المواطن والإدارة
تسريع تنزيل الملفات الاستثمارية دون تعقيد غير مبرر
ترسيخ ثقافة المسؤولية والإنصات وحسن التدبير
ضمان العدالة في الولوج إلى الخدمات العمومية
تقوية مناخ الأعمال لمواكبة الاستحقاقات الكبرى، وفي مقدمتها تحضيرات المغرب لمونديال 2030

اليوم، فاس–مكناس تقف على عتبة مرحلة إدارية وتنموية دقيقة، عنوانها الأساسي الكفاءة، الانضباط، ودعم الاستثمار المنتج. ومع توالي المؤشرات الإيجابية في عدد من القطاعات، يبقى الرهان معقودًا على ترسيخ هذه الدينامية، وتحويلها إلى نموذج مستدام للحكامة الترابية.
وفي نهاية المطاف، فإن نجاح أي مسؤول لا يُقاس فقط بنواياه، بل بقدرته على صناعة أثر مؤسساتي مستمر، وإدارة فعلية للتغيير تُترجَم على أرض الواقع… وهو ما ستكشفه الأشهر القادمة بوضوح.

0 تعليقات الزوار

الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي الموقع

اترك تعليقاً