هبة بريس – عبد اللطيف بركة
منطقة وادي سوس، التي طالما كانت واحدة من المناطق الريفية الأكثر هدوءًا باقليم تارودانت، تحولت في الآونة الأخيرة إلى بؤرة لتجارة المخدرات والجريمة المنظمة، وسط مزارعها المنتشرة على جنبات الوادي ، وبالقرب من دوار السواحير التابع للجماعة الترابية زاوية سيدي الطاهر، يعاني الفلاحون والساكنة من تهديدات متزايدة جراء سيطرة عصابات المخدرات، والتي يقال عنها انها تشتغل بتعليمات بارون المخدرات المعتقل بسجن أيت ملول و الملقب بـ ” إسكوبار هوارة”، حيت باتت تشتغل على تهريب المخدرات بين مجمل مناطق الاقليم باستعمال أسطول من الدراجات النارية ، بل وصل خطرها إلى ممارسة عمليات ابتزاز وتهديد ضد السكان المحليين في ظل غياب تام للتدخل الأمني.
– العصابة والمناطق المغلقة
ما يثير القلق بشكل أكبر هو أن هذا الكارتيل الإجرامي يتحكم بشكل شبه كامل في المنطقة، ويشمل نشاطه عمليات بيع وشراء المخدرات، وتهريب الكيف والحشيش، بالإضافة إلى تصنيع “ماحيا”، وحسب المصادر المحلية، فإن العصابة تستغل النساء والأطفال في عمليات الترويج للمخدرات على مستوى الضيعات الفلاحية وأماكن العمل، بل وتُعتبر النساء اللواتي يواجهن خطر الاعتداءات اليومية في الطريق المؤدي إلى دوار الدشرة من بين أكثر الفئات المتضررة.
ويُفترض أن المنطقة، التي تتوفر على العديد من المزارع الصغيرة، تشهد انتشارًا واسعًا للكلاب المدربة التي يستخدمها أفراد العصابة للحماية، وكشفت مصادر الجريدة ان هذا ” الكارتيل ” اصبح يشغل قرابة ثمانين حارسا في المنطقة، وهي أرقام تثير المخاوف بشأن وجود قوة حراسة تفوق في عددها بعض المؤسسات الأمنية.
– ضعف التدخل الأمني زاد من حدة الوضع
ورغم هذا التوسع الكبير للعصابة، إلا أن تدخل مصالح الدرك خصوصا التابعة لسرية تارودانت لا يبدو حاسما وزاد من تعقيد الوضع الأمني بالمنطقة، فالدوريات شبه غائبة ، رغم وجود سد قضائي في أولاد براهيم، والذي يفترض أن يحد من الحركة المريبة. فالوضع الأمني في جماعة زاوية سيدي الطاهر ودوار السواحير أصبح أكثر تعقيدًا، في وقت يحتاج فيه المواطنون إلى ضمانات حماية عاجلة.
من المثير للدهشة أن سلطات الأمنية لم تتحرك بشكل جاد حتى الآن، خاصةً وأن المعلومات تشير إلى أن هذه العصابة تدر عائدات ضخمة يوميًا من تجارتها المحرمة التي تقدر بالملايين. في الوقت نفسه، يواجه المزارعون المحليون خطرًا محدقًا بسبب انتشار هذه الأنشطة الإجرامية، التي تقوض أسس الحياة اليومية، بل وتزيد من معاناتهم جراء تعرضهم للابتزاز والتهديد.
– جرائم قتل وصراع العصابات
إلى عهد قريب، دشن المركز القضائي للدرك عدة عمليات أثارت استحسان سكان الاقليم،لكن سرعان ما توقف تحركها لأسباب ماتزال مجهولة وتستدعي البحث والتحري من القيادة العليا للدرك، هل ارتبطت بحجم التغول لتجار المخدرات أم مرتبطة بأشياء اخرى تحتاج لتمحيص مركزيا، فعمليات اخرى باشرتها مفتشية القيادة العليا للدرك بعدد من الاقاليم كالجديدة والشمال وآخرها منطقة تغازوت شمال مدينة اكادير، انتهت باعتقال مسؤولين في الدرك وإيداعهم السجن بسبب ارتباطهم بتجار مخدرات.
بخصوص اقليم تارودانت هناك تداول لاسم دركي، دائم المرافقة لأحد تجار المخدرات بمنطقة ” الحومر ” غرب مدينة تارودانت، الدركي المشكوك في علاقته بالمروج، يمكن للمفتشية العامة للدرك الاستعانة بتسجيلات كاميرات المراقبة المتواجدة باحد الأزقة القريبة من مقر سكنه الوظيفي المتواجد بحي لوازيس المحيطة بمدينة تارودانت.
وفي السياق المرتبط بنشاط العصابة الاجرامية المتخصصة في ترويج الممنوعات بالاقليم ، والتي تتزود بشكل أسبوعي بشحنات من مروجين كبار ينتمون إلى الشمال ، عبر الاعتماد على مسلك طرقي شمال منطقة ” أركانة ” عبر الطريق السيار مراكش – أكادير هروبا من السد القضائي بمنطقة أمسكرود التابع لسرية الدرك بأكادير ، الذي احبط عدة عمليات خلال السنة الجارية.
وبالرجوع للسنوات القليلة الماضية، سوف يظهر ان العصابة لم يقتصر عملها على ترويج الممنوعات بل شهدت المنطقة أيضًا تصاعدًا في حوادث التهديد بالتصفية الجسدية، بعدما هاجمت عصابة اجرامية يتقدمهم بارون المخدرات الملقب ب” العلوة” حاملا سلاحا ناريا ” بندقية صيد ” العام الماضي، مقتحما دوار الكارطون بجماعة سيدي بوموسى التابع لدائرة اولاد التايمة، حيث اطلع أعيرة نارية وسط السكان ، مما حرك الأجهزة الامنية لاعتقاله رفقة عصابته ، وقبلها بسنوات قليلة شهدت منطقة زاوية سيدي الطاهر بنفس الاقليم ، عملية تصفية لشخصين من قبل تاجر مخدرات ، بعد الاجهاز عليهما بواسطة ” ساطور” في اطار مواجهة بين الطرفين على سوق الممنوعات .
– المستقبل المجهول لهذا الانفلات الأمني
من جهة أخرى، تشير بعض المصادر إلى أن هذه العصابات قد تتوسع أكثر في المستقبل، خاصةً مع غياب أي ردود فعل قوية من قبل الأمن. إن هذه الجرائم تُشكّل تهديدًا حقيقيًا لسلامة المواطنين، وتضعهم أمام خطر مستمر في ظل غياب الدوريات الأمنية ووجود نقاط التفتيش التي تبقى بلا فاعلية حقيقية.
الوضع الحالي يعكس خللاً واضحًا في التنسيق بين السلطات الأمنية، ويكشف عن الحاجة الملحة لتحرك عاجل للحد من تزايد أنشطة هذه العصابات وحماية السكان المحليين، الذين أصبحوا يعيشون في خوف دائم على حياتهم وأرزاقهم.
إذا استمر هذا الوضع دون تدابير حاسمة، فإن المنطقة ستظل تحت وطأة هذه العصابات التي تتحكم في كل شيء، مما يجعل المستقبل غامضًا والمواطنين في وضع لا يحسدون عليه.
0 تعليقات الزوار