تارودانت: في قلب جبال أركانة.. حجز طن ونصف من المخدرات

حجم الخط:

هبة بريس – عبد اللطيف بركة

في صباح اليوم الاثنين الهادئ من صباحات الخريف بشمال غرب تارودانت، حيث تمتد تلال جماعة أركانة مكسوة بألوان الزيتون وشجر الأركان ، لم يكن أحد من سكان المنطقة يتوقع أن هذا الهدوء سيخفي خلفه عملية نوعية أشبه بفيلم تشويق.

كانت التحركات غريبة. طرق وعرة تعرفها فقط أقدام الرعاة والمزارعين، باتت تُستغل من طرف شبكةٍ ظلت لسنوات تنسج خيوطها في الخفاء. لكن ما لم تحسب له حساباً هو عين الدرك الملكي، التي لا تنام، ولا تغفل عن همسات الريح في تلك الجبال.

بقيادة رئيس المركز الترابي بتمزاورت، وتحت إشراف مباشر من قائد سرية الدرك الملكي بتارودانت، انطلقت خيوط العملية بعد أيام من الرصد والتحري، استناداً إلى معلومات استخباراتية ميدانية دقيقة. تم تتبع مركبة مشبوهة تشق طريقها بصعوبة عبر المسالك الجبلية، محمّلة بما تبيّن لاحقاً أنه “طن ونصف” من الكيف وطابا، كانت معدّة للتوزيع والتهريب نحو وجهات مجهولة.

لحظة التوقيف لم تمر بسلام. فقد سارع سائق المركبة إلى الهروب بسرعة جنونية، لتبدأ مطاردة مثيرة عبر المرتفعات والمنحدرات، في مشهدٍ بدا وكأنه مشهد مقتبس من أفلام الأكشن، المطاردة انتهت بتوقيف المركبة، بعد أن فقد سائقها السيطرة عليها، بينما توارى هو ومرافقوه عن الأنظار، مستغلين وعورة التضاريس وكثافة الغطاء النباتي.

لكن الأهم قد تحقق، داخل السيارة، وجدت العناصر الأمنية ما يقارب طن ونصف من المخدرات، مخبأة بعناية وسط حمولات تُموّه الرائحة، إلى جانب وسائل لوجستيكية تُستخدم عادة في التهريب.

وبينما تم فتح تحقيق تحت إشراف النيابة العامة المختصة، لمعرفة هوية المتورطين، تُواصل مصالح الدرك الملكي حملاتها التمشيطية المكثفة، ساعية لتجفيف منابع هذه التجارة المحظورة التي تستهدف النيل من شباب المنطقة وأمنها المجتمعي.

العملية، وإن كانت ذات طابع أمني، إلا أنها روت بطريقتها قصة أخرى عن درك لا يُجاري الخوف، وساكنة أصبحت أكثر اطمئناناً بفضل العيون الساهرة، التي تلاحق الجريمة حتى وإن احتمت بجبال أركانة.

هكذا تكتب تارودانت فصلاً جديداً في حربها المستمرة على مافيات المخدرات، قصة لا تنتهي، لكنها في كل مرة، تُبرهن أن لا مكان للجريمة في حضن الأطلس.

0 تعليقات الزوار

الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي الموقع

اترك تعليقاً