تحرك مرتبك.. النظام الجزائري يسعى لاتفاق تجاري مع أوكرانيا لمواجهة التقارب المغربي الروسي

حجم الخط:

هبة بريس

في خطوة وُصفت بأنها مناورة دبلوماسية مرتبكة، هرولت الجزائر إلى استقبال السفير الأوكراني وبحث توقيع اتفاقية للتجارة الحرة مع كييف، في تحرك يرى فيه مراقبون ردّ فعل انفعاليًا على التقارب المتزايد بين موسكو والرباط، خصوصًا بعد اقتراب الموقف الروسي من الطرح المغربي في ملف الصحراء.

ارتباك النظام الجزائري

وفي وقت كانت الأنظار متجهة إلى اللقاء الذي جمع وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة بنظيره الروسي سيرغي لافروف، اختارت الجزائر أن تُعلن عبر وزيرة التجارة الداخلية وضبط السوق، أمال عبد اللطيف، استقبال السفير الأوكراني ألكسندر فورونين، في خطوة حملت أكثر من دلالة سياسية، خصوصًا أنها تأتي في توقيت حساس يكشف عن ارتباك في خيارات النظام الجزائري الخارجية.

ووفق بيان السفارة الأوكرانية، تم خلال اللقاء التطرق إلى إمكانية إبرام اتفاقية للتجارة الحرة بين البلدين، مع بحث إنشاء مجلس أعمال مشترك وتخفيف الحواجز التجارية، في محاولة لتقديم الجزائر نفسها كطرف “منفتح” اقتصاديًا، رغم أن الواقع الداخلي يشهد أزمة اقتصادية خانقة وتراجعًا في الاستثمار الأجنبي.

ويرى مراقبون أن النظام الجزائري يحاول عبر التقارب مع أوكرانيا إرسال رسالة تحدٍ إلى موسكو، لكنه بذلك يغامر بعلاقاته مع أحد أبرز حلفائه الدوليين، في وقت تعتمد فيه الجزائر بشكل كبير على السلاح الروسي والدعم السياسي من الكرملين.

ويُخشى أن يُفسَّر هذا التحرك في موسكو على أنه طعنة دبلوماسية في الظهر، قد تدفع روسيا إلى مراجعة موقفها التقليدي تجاه الجزائر، لصالح المغرب الذي ينسج علاقات متينة مع موسكو قائمة على المصالح المشتركة والاستقرار الإقليمي.

الجزائر معزولة دبلوماسيا

وفي المقابل، يواصل المغرب تعزيز شراكته الذكية مع روسيا في مجالات الطاقة والصيد البحري والأمن، بما يخدم مصالح الطرفين ويمنح الرباط موقعًا متقدمًا في موازين القوى داخل مجلس الأمن.

ويسعى المغرب من خلال هذا التقارب إلى إقناع موسكو ببراغماتية مقترحه للحكم الذاتي كحل واقعي لقضية الصحراء، مقابل دعم الاستقرار الذي يخدم أيضًا النفوذ الروسي في إفريقيا ويعزز صورتها كقوة مسؤولة قادرة على التوازن بين الشركاء.

ويبدو أن الجزائر، التي وجدت نفسها معزولة دبلوماسيًا، تحاول عبثًا كسب نقاط عبر تحالفات ظرفية، بينما يواصل المغرب ترسيخ حضوره الدولي بثقة ووضوح في الرؤية، مستندًا إلى سياسة خارجية متوازنة تجعل منه فاعلاً استراتيجياً يحظى بالاحترام في عواصم القرار الكبرى.

0 تعليقات الزوار

الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي الموقع

اترك تعليقاً