
حصري: “نصاب محترف” يكشف صندوق باندورا… وسقوط الأستاذ تاجر”الماستر”
هبة بريس – عبد اللطيف بركة
لم يكن سقوط الأستاذ الجامعي، أحد أبرز وجوه المشهد الأكاديمي والسياسي بجامعة ابن زهر، نتيجة مباشرة لتحقيقات في ملف موثق كما تم تداوله على نطاق واسع، بل كانت بداية النهاية كما تتبعت ” هبة بريس” لمجراياته أكثر درامية مما تخيلها كثيرون، بدأت من مكان غير متوقع بزي رجل قضاة لاهاي، وشهادات تحكيم وطنية .
– النصاب المحترف وصندوق باندورا للأسرار
في أحد أحياء أكادير، وتحديدًا ببنسركاو، جرى توقيف شخص وُصف لاحقًا بأنه “نصاب محترف”. كان يرتدي بذلة قضاة المحكمة الدولية بلاهاي، ويتباهى أمام ضحاياه بدكتوراه في التحكيم من أمريكا، وشهادات مزورة من سويسرا، مصر والمغرب، بل وحتى وثيقة تحمل تاريخًا لم يأتِ بعد.
راح هذا النصاب ضحية لذكائه الإجرامي؛ فقد نجح في إقناع فنانين وأثرياء ومواطنين بسطاء أنه قاضٍ دولي ومستشار قانوني، سلبهم عقارات، شققًا، وأموالاً طائلة. واحدة من ضحاياه وقعت له أربع شيكات ضخمة بعد أن أوهمها بشراء فيلا لا وجود لها سوى في فيديو على هاتفه.
سرعان ما تقاطرت على محكمة أكادير ثلاث عشرة شكاية. اتُّهم فيها النصاب بالتزوير، النصب، وانتحال صفة، بل والاستيلاء على أملاك بقيمة مليارات السنتيمات. وهنا تحديدًا، انكشف الخيط الذي قاد إلى أحد أعمدة الفساد الجامعي.
– حين سقطت ورقة التوت
بين الوثائق والشهادات التي ضُبطت بحوزة النصاب، ظهرت شهادات ماستر ودكتوراه مثيرة للريبة، أسفرت التحقيقات عن أسماء وأختام تعود إلى أستاذ جامعي بجامعة ابن زهر، يشغل أيضًا منصبًا سياسيًا داخل حزب سياسي.
لم تكن الشكوك جديدة على الاستاذ ” تاجر الدبلومات “،فسنوات قبل ذلك، وتحديدًا في 2018، وصفه زميل له بـ”السرطان داخل الكلية” في تدوينة فايسبوكية فجّرت أزمة انتهت حينها بحكم ابتدائي لصالح الأستاذ الموقوف، قبل أن تبرّئ الاستئناف زميله لاحقًا، فالقضية أُغلقت… ولكن السرطان ظلّ ينخر جسد الجامعة.
–الاستاذ والبازار الأكاديمي
وفق معطيات حصرية، كان الأستاذ المعتقل يدير ما يشبه “بازاراً أكاديميًا”، حيث تباع الماسترات والدكتوراه كما تُباع السلع، أرقام فلكية كانت تُدفع في السر ودعت في ارصدة بنكية وعقارات، مقابل شهادات علمية لم تُبذل فيها قطرة جهد، بعض المشترين أسماء من مختلف القطاعات ، ووجوه تنتمي إلى النخبة.
الأخطر من ذلك أن زوجة الأستاذ المعتقل، حسب مصادر مطلعة، حصلت هي الأخرى على شهادة “مضروبة”، مكنتها من ولوج مهنة المحاماة كمتمرنة، هكذا، أصبحت العدالة بدورها مسرحًا لشهادات مزورة.
– صمت الحزب وغضب الشارع
رغم أن المتهم يعتبر قياديًا في حزب سياسي ، إلا أن الحزب آثر الصمت، متجنبًا إصدار أي تعليق رسمي، في المقابل، تعالت أصوات المجتمع المدني مطالبة بتوسيع التحقيقات لتشمل كل الحاصلين على شهادات مشبوهة.
الجمعية الوطنية لحماية المال العام والشفافية كانت سباقة، حين وجهت مراسلة إلى الوكيل العام بأكادير تطالب فيها بالتحقيق في ما وصفته بـ”عصابة إجرامية تصدر شواهد جامعية عبر التزوير واستغلال النفوذ”. تلك المراسلة المؤرخة في 20 شتنبر 2023، أعادت فتح الملف على مصراعيه.
– تحت أنقاض إمبراطورية
اليوم، الأستاذ المعتقل يوجد خلف أسوار سجن الوداية بمراكش. يقف هناك ليس فقط كمشتبه به في بيع الدبلومات، بل كرمز لانهيار منظومة تعليمية كانت تتغذى على الفساد والزبونية، وتدّعي أنها تصنع نخبة الغد.
ومثل إمبراطوريات سقطت من داخلها، لم يكن من أسقط الأستاذ هو الموثق، بل النصاب، الذي فتح صندوق باندورا… فخرجت منه أسرار لم تُكشف كلها بعد.
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على WhatsApp
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على Telegram
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على X