هبة بريس – عبد اللطيف بركة
أثار قرار وزارة الداخلية بإعفاء عامل عمالة إنزكان أيت ملول” إسماعيل أبو الحقوق”، جدلًا واسعًا في الأوساط السياسية والإعلامية، بالنظر إلى توقيته وطبيعته المفاجئة، في ظل غياب بلاغ رسمي مفصل يكشف عن أسباب هذا الإجراء. وبينما تشير المعطيات الرسمية إلى تفويت عقار عمومي كمبرر مباشر للقرار، تتعالى أصوات تطرح فرضيات أخرى، تتعلق بتضارب المصالح، وشبهات استغلال النفوذ، وملفات التعمير والعقار في الإقليم.
– قرار الإعفاء… والتفاصيل الأولية
جاء قرار الإعفاء، وفق ما أوردته مصادر موثوقة، بناءً على تقرير أعدته لجنة تفتيش مركزية تابعة للمفتشية العامة للإدارة الترابية بوزارة الداخلية، وذلك عقب زيارة ميدانية استغرقت عدة أيام لإنزكان، حيث اطلعت اللجنة على وثائق تخص تفويت عقار جماعي تبلغ مساحته حوالي 4671 مترًا مربعًا، كان مخصصا بحسب مزاعم بعض الجهات لإنشاء مؤسسة تعليمية.
اللجنة استمعت إلى العامل، كما باشرت افتحاصات لدى الوكالة الحضرية، المحافظة العقارية، وإدارة أملاك الدولة، قبل أن تصدر الوزارة قرارًا بإعفائه من مهامه وإلحاقه بالمصالح المركزية دون مهام.
– العقار المثير للجدل: حقائق متضاربة
في قلب الملف، يوجد عقار بجماعة إنزكان، تم تفويته إلى منعش عقاري معروف بالمدينة، لإنجاز مشروع سكني وتجاري، وهنا تتضارب الروايات،
من جهة، تؤكد بعض المصادر أن العقار كان مصنفا ضمن المرافق التعليمية في تصاميم التهيئة السابقة، وأن تفويته لشركة خاصة تم بسعر منخفض وبطريقة تطرح علامات استفهام حول مدى احترام المساطر القانونية.
من جهة أخرى، تفند مصادر مقربة من العامل المقال هذه الرواية جملة وتفصيلا، وتؤكد أن العقار لم يكن مخصصًا للتعليم في أي من تصاميم التهيئة السابقة (2002 – 2012، 2012 – 2022، أو 2023)، وهو ما تؤكده محاضر رسمية بحضور المديرية الإقليمية للتعليم.
كما تشير المعطيات ذاتها إلى أن العقار تم اقتناؤه من طرف الشركة المالكة سنة 2017، أي قبل تولي إسماعيل أبو الحقوق مهامه كعامل على الإقليم في غشت 2018، ما يُضعف فرضية تدخله المباشر في عملية التفويت.
– اتهامات بالتضارب وعلاقات “خاصة” مع منعشين عقاريين
رغم محاولة نفي أي علاقة مباشرة للعامل بالقضية، تروج فرضيات أخرى في كواليس المدينة، تتعلق بوجود علاقات قوية جمعت المسؤول الترابي بعدد من المنعشين العقاريين بالجهة، كانوا بحسب شهود عيان، دائمين التردد على مكتبه، هذه العلاقات، وإن لم تُثبت رسميًا كمصدر لتضارب المصالح، تفتح الباب لتأويلات متعددة بشأن تأثيرها المحتمل في تسريع المساطر أو منح تسهيلات غير معتادة.
كما تشير بعض المصادر إلى أن العلاقة بين العامل وبعض رؤساء الأقسام بولاية جهة سوس ماسة كانت محل مراقبة، وسط تساؤلات حول مدى تورط أطراف أخرى في الملف، وإمكانية توسع التحقيقات لتشمل مسؤولين آخرين.
– هل هناك أسباب أعمق؟
بعيدا عن العقار المثير للجدل، هناك من يرى أن ملف التفويت ليس سوى “القشة التي قصمت ظهر البعير”، وأن الإعفاء ربما جاء نتيجة تراكمات مرتبطة بتدبير ملفات أخرى، أبرزها مشاريع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بالإقليم، التي خضعت بدورها لافتحاصات مفاجئة.
وهناك من يقول إمكانية وجود تقرير حول ثروة العامل المعزول وأقاربه ، بشكل أثار الشبهات، في غياب معطيات رسمية حول ذمته المالية.
هناك كذلك فرضية شكايات صادرة عن فعاليات مدنية بالمدينة او حتى فريق المعارضة بالمجلس البلدي لانزكان تطعن في شفافية تدبير بعض الصفقات ،وتراخيص التعمير، مع ذلك، تبقى كل هذه النقاط في خانة الفرضيات، في انتظار بلاغ رسمي مفصل من وزارة الداخلية، أو نتائج تقارير افتحاص شفافة، تعيد ترتيب الرواية على أسس واقعية.
– ردود فعل متباينة: بين التثمين والتعاطف
القرار، ورغم ترحيب بعض الفعاليات المدنية به باعتباره خطوة نحو ترسيخ مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، أثار استغراب شرائح واسعة من المواطنين، خاصة أن إسماعيل أبو الحقوق كان يحظى بسمعة طيبة في أوساط معينة، ويُحسب له عدد من المبادرات في النهوض بالبنية التحتية والخدمات الإدارية بعمالة إنزكان أيت ملول.
من جهتهم، اعتبر متابعون أن العامل “ضحية تصفية حسابات” داخلية، أو “كبش فداء” لسياسة عقارية غارقة أصلًا في تضارب المصالح على المستوى المحلي والجهوي.
– في الانتظار… الحقيقة كاملة لا تزال غائبة
في غياب معطيات رسمية مفصلة أو تقرير مفصل من وزارة الداخلية، سيبقى ملف إعفاء إسماعيل أبو الحقوق رهين التأويلات والتخمينات. ورغم حجم الجدل، يبقى الأمل في كشف الحقيقة كاملاً، احترامًا لحق الرأي العام في المعلومة، وترسيخًا لثقافة الشفافية والمساءلة داخل الإدارة الترابية المغربية.
0 تعليقات الزوار