هبة بريس ـ الدار البيضاء
يعد مشروع TransforMed تجربة رائدة في مجال التنمية المستدامة بالمنطقة المتوسطية، حيث يسعى إلى تعزيز النظم الزراعية الغابوية في المغرب من خلال مقاربة علمية ومجتمعية تدمج بين الزراعة والغابات في إطار يحافظ على التوازن البيئي ويُحسن الإنتاجية.
و يركز المشروع على خلق تفاعل إيجابي بين الإنسان والطبيعة، ويُنفذ في مناطق غنية بالموارد مثل أكادير والصويرة، حيث تشكل أشجار الأركان والخروب مكونًا أساسيًا في المنظومة البيئية والاقتصادية المحلية.
ويطمح المشروع إلى جعل هذه المناطق نموذجًا يحتذى به في تطبيق مبادئ الزراعة المستدامة، القائمة على الحفاظ على التربة والماء والغطاء النباتي.
و يتولى تنسيق المشروع على الصعيد الوطني جمعية Agenda، وهي جمعية ناشطة في مجالات البيئة والزراعة المستدامة، وتعمل على ربط الجهود بين الفاعلين الميدانيين والمؤسسات البحثية.
و ينفذ المشروع بشراكة مع الوكالة الوطنية لتنمية مناطق الواحات وشجر الأركان (ANDZOA)، التي تضطلع بدور محوري في تثمين سلاسل الأركان والخروب وتطوير الاقتصاد المحلي المرتبط بهما.
وتعكس هذه الشراكة تفاعلًا مثمرًا بين المجتمع المدني والمؤسسات العمومية، إذ تهدف إلى تحويل نتائج البحث العلمي إلى حلول عملية تخدم الساكنة المحلية وتخلق دينامية تعاون بين الخبراء والمنتجين في إطار حكامة بيئية رشيدة.
و يرتكز المشروع على هدف استراتيجي يتمثل في إحياء النظم الزراعية الغابوية عبر اعتماد مقاربة متكاملة تشجع على الاستخدام الرشيد للموارد الطبيعية وتحافظ على التوازن الإيكولوجي.
كما يعمل المشروع على تطوير أساليب إنتاج مستدامة تراعي خصوبة التربة وترشيد استعمال المياه في مواجهة التغيرات المناخية، مع دمج المعارف التقليدية للفلاحين بالتقنيات الحديثة لضمان استدامة الموارد، و يسعى إلى نشر الوعي البيئي وتعزيز ثقافة المسؤولية المشتركة في تدبير الثروات الطبيعية.
من الجانب البيئي، يركز المشروع على حماية شجرة الأركان باعتبارها رمزًا وطنيًا وبيئيًا واقتصاديًا وثقافيًا، إلى جانب شجرة الخروب التي تمتاز بقدرتها العالية على مقاومة الجفاف وحماية التربة من الانجراف.
ويهدف المشروع إلى تعزيز التنوع البيولوجي واستعادة النظم البيئية المتدهورة من خلال أنشطة إعادة التشجير وإدارة الموارد الطبيعية بشكل مستدام. ويسهم هذا التوجه في التخفيف من آثار التغير المناخي وتعزيز مرونة الأنظمة الطبيعية في مواجهة الجفاف المتكرر.
أما من الناحية الاقتصادية والاجتماعية، فيولي المشروع اهتمامًا خاصًا بتثمين سلاسل إنتاج الأركان والخروب عبر تطوير الصناعات التحويلية ورفع القيمة المضافة للمنتجات المحلية.
ويعمل المشروع أيضا على تمكين التعاونيات النسائية والجمعيات الفلاحية من اكتساب مهارات في مجالات الجودة والتسويق والتسيير، مما يفتح آفاقًا جديدة أمام النساء والشباب لخلق مشاريع مدرّة للدخل وتعزيز استقلاليتهم الاقتصادية، كما يسهم المشروع في الحد من الهجرة القروية وتشجيع الاستقرار بالمناطق الجبلية عبر توفير فرص تنموية محلية مستدامة.
ويرتكز TransforMed على الابتكار كعنصر محوري، إذ يجمع بين البحث العلمي والمعرفة المحلية من خلال نهج تشاركي يشجع على التبادل بين الباحثين والفلاحين. ويعمل المشروع على إدخال ممارسات ذكية في الزراعة مثل الزراعة الدقيقة والمراقبة المستمرة للتربة والمياه، ما يعزز الإنتاجية ويحافظ على الموارد. ومن خلال هذه الدينامية، تتشكل شبكة معرفية تتيح إنتاج حلول عملية قابلة للتطبيق والتعميم في مجالات الزراعة المستدامة.
ويطمح المشروع، في رؤيته المستقبلية، إلى بناء نموذج متكامل للتنمية المستدامة في المناطق المتوسطية يجمع بين الزراعة الغابوية والحماية البيئية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية.
ويراهن ذات المشروع على تحويل المناطق الغابوية إلى فضاءات إنتاجية مستدامة تسهم في تحسين ظروف العيش وتعزيز الاقتصاد المحلي. كما يسعى إلى توسيع التجربة لتشمل أنواعًا نباتية أخرى ملائمة للزراعة الغابوية، وجعل النموذج المغربي مرجعًا علميًا وتنمويًا في المنطقة المتوسطية، بما يعكس التزام المغرب الراسخ بخيار الاستدامة كمسار استراتيجي للمستقبل.
0 تعليقات الزوار