طارق عبلا من امستردام
في واحدة من أشهر القاعات المخصصة للحفلات الكبرى في أمستردام أوست، شهدت المدينة مساء الخميس حدثا إنسانيا مميزا نظمته بلدية أمستردام احتفاء بالعمل التطوعي والمبادرات المجتمعية التي تضيء أحياء العاصمة.
الاحتفال، الذي حمل أجواء من البهجة والفخر، جمع المئات من الفاعلين والمتطوعين المؤثرين الذين كرسوا سنوات من حياتهم لخدمة الناس، وقد تخلله تكريم عدد من الشخصيات البارزة في العمل الإنساني والاجتماعي، تقديرا لعطائهم وتأثيرهم الإيجابي في المجتمع المحلي.
كان هذا أول أمس في مساء خريفي دافئ، حيث غمرت مشاعر الفرح والامتنان القاعة التي امتلأت بالأنغام والضحكات وروائح الأطباق المتنوعة، من بينها الأطباق المغربية ” الرفيسة والكسكس” التي أضفت للحفل نكهة من الأصالة والكرم.
وتنوعت الوجوه واللغات، وتلاقت القلوب على إيقاع واحد.. الاحتفاء بالخير.
استهل الحفل بكلمة دافئة من رئيسة البلدية كارولين دي هير، التي تقدمت بالتهنئة إلى جمعية الصداقة كوميونيتي بمناسبة عيدها السنوي، مشيدة بتاريخها الطويل الحافل بالعطاء والتفاني في خدمة سكان أمستردام أوست، وأكدت دي هير في كلمتها أنها متفائلة بما قدمته الجمعية على مدى عشرات السنين، وبما ستواصل تقديمه من مبادرات تجسد قيم التضامن والتعاون الإنساني.
في تلك الأجواء المفعمة بالمحبة، حانت لحظة التكريم التي انتظرها الجميع، حين أعلنت البلدية عن تكريم السيدة مليكة كركلو، إحدى الوجوه المضيئة في مسيرة العمل التطوعي داخل جمعية الصداقة.
وبين تصفيق المئات من الحاضرين، تقدمت رئيسة المقاطعة لتسليمها شهادة تقدير خاصة، في مشهدٍ مؤثرٍ جمع بين الفخر والعرفان.
كانت مليكة كركلو، بابتسامتها الهادئة ودموعها الخفيفة، تجسد في تلك اللحظة قصة امرأة نذرت وقتها وجهدها لخدمة الآخرين دون مقابل، فمنذ سنوات وهي تقف في الصفوف الأمامية لمساندة الناس، تنظم الأنشطة، وتساعد في برامج الدعم اللغوي والاجتماعي، وتبني جسورا من المحبة بين أبناء الحي، مؤمنة بأن الاندماج الحقيقي لا يقاس بالكلام، بل بالفعل اليومي الصادق.
وفي كلمتها خلال الحفل، قالت كارولين دي هير:
“أشخاص مثل مليكة يجعلون مدينتنا أقوى وأكثر إنسانية وجمالا، إنها تجسد روح التطوع، وتظهر كيف يمكن لشخص واحد أن يحدث فرقا كبيرا في حياة الآخرين.”
تعالت التصفيقات من كل أركان القاعة، حيث وقف الحاضرون احتراما، ومن بينهم عدد كبير من أبناء الجالية المغربية الذين عبروا بفخر عن انتمائهم واندماجهم في المجتمع الهولندي، مقدمين صورة مشرقة عن المغرب والمغاربة في هذا البلد المضياف.
كانت الأمسية أكثر من مجرد احتفال؛ كانت رسالة حب وتقدير، تجلت فيها إنسانية المدينة وتنوعها، تلاقت فيها الوجوه، اختلطت اللغات، وتوحدت المشاعر على لحن واحد.. الامتنان لكل من يعطي دون أن ينتظر مقابلا.
وفي ختام الحفل، امتزجت الموسيقى بالتصفيق، والدموع بالابتسامات، بينما ظل اسم مليكة كركلو، يتردد بين الحاضرين كرمز للخير والإلهام، وكنموذج حي لقوة المرأة حين تعمل من أجل الآخرين بمحبة وإيمان.
لمحة من هذا الحدث المميز يمكن مشاهدته عبر هذا الرابط التالي..
0 تعليقات الزوار