هبة بريس-عبد اللطيف بركة
تشهد عمالة إنزكان آيت ملول هذه الأيام حركية إدارية لافتة بعد توصل عدد من رؤساء الجماعات المحلية بمراسلة رسمية من عامل العمالة بالنيابة، تدعوهم إلى مدّ مصالح العمالة بلوائح الأعضاء الذين يُحتمل وجودهم في وضعية تضارب المصالح مع المهام الانتدابية التي يتولونها.
المراسلة، التي تحمل طابع “مستعجل جداً”، جاءت في سياق تفعيل مقتضيات المادة 65 من القانون التنظيمي رقم 113.14 المتعلق بالجماعات الترابية، والمادة 66 من القانون التنظيمي رقم 112.14 الخاصة بالعمالات والأقاليم، واللتين تمنعان على المنتخبين الدخول في أي معاملات مالية أو تجارية أو مصلحية مع الجماعات التي ينتمون إليها. وتُعد هذه الخطوة مؤشراً على تشديد الرقابة الإدارية على ممارسات بعض المنتخبين محلياً، في إطار مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة.
مصادر مطلعة أكدت أن هذا التحرك جاء عقب شكاية رسمية وجّهها المحامي عبد العزيز القنفود إلى وزير الداخلية، طالب فيها بتطبيق القانون على منتخبين يشتبه في استفادتهم من مصالح خاصة مرتبطة بالجماعات الترابية التي يمثلونها. الشكاية، حسب مضمونها، أشارت إلى وجود “ملفات ثابتة” توثق تعامل بعض الأعضاء مع الجماعات بشكل مباشر أو غير مباشر، مما يضعهم في وضعية تنافٍ واضحة مع مهامهم الانتدابية.
ووفق المعطيات المتوفرة، فقد حددت العمالة أجلاً لا يتجاوز يوم الجمعة 7 نونبر 2025 لتوصلها بجميع البيانات المتعلقة بالأعضاء المعنيين، على أن تُباشر بعد ذلك الإجراءات القانونية المنصوص عليها، والتي قد تصل إلى حد العزل أو الإحالة على القضاء الإداري.
المحامي القنفود، الذي كان وراء إثارة الملف، أوضح في تصريح صحفي أن “القانون واضح في هذا الباب، وأن أي تهاون في تفعيله يُعد إخلالاً بالواجب الإداري”، مضيفاً أن “العديد من المحاكم الإدارية سبق أن قضت بعزل منتخبين في قضايا مشابهة، غير أن عمالة إنزكان آيت ملول ظلت إلى حدود الساعة متراخية في تنزيل هذه المقتضيات، رغم توفّرها على ما يكفي من المعطيات”.
وأشار المتحدث ذاته إلى أن العامل السابق للعمالة سبق أن راسل الجماعات حول هذه الإشكالية دون أن تُستكمل المساطر القانونية، محملاً إياه مسؤولية التأخير في تفعيل القانون. كما عبّر عن أمله في أن “يُباشر العامل الجديد المنتظر تعيينه قريباً مهامه بروح من الصرامة والالتزام، انسجاماً مع توجيهات وزير الداخلية التي أكدت مؤخراً ضرورة تطبيق القانون على الجميع دون تمييز”.
ويُعد ملف تضارب المصالح داخل المجالس الترابية بعمالة إنزكان آيت ملول من أبرز القضايا التي يتابعها الرأي العام المحلي، لما يمثله من اختبار حقيقي لمدى التزام المنتخبين والمسؤولين الإداريين بمبادئ النزاهة والشفافية، خاصة في ظل سعي وزارة الداخلية إلى ترسيخ الحكامة المحلية وربط المسؤولية بالمحاسبة، كما نصّ على ذلك دستور المملكة.

0 تعليقات الزوار