هبة بريس ـ الرباط
أعلن وزير الصحة والحماية الاجتماعية مؤخرا عن وقف الإعانات الاستثمارية الموجهة للقطاع الصحي الخاص و هو ما أعاد إلى الواجهة جدلا قديما حول العلاقة بين الدولة والمصحات الخاصة.
الوزير برر خطوته بالقول إن هذا القطاع يستفيد بالفعل من دعم غير مباشر من خلال التأمين الإجباري الأساسي عن المرض والتضامن الاجتماعي، وهو ما يوفر له تدفقات مالية مضمونة خاصة في ما يتعلق بالخدمات التي تتحمل الدولة جزءا كبيرا من تكلفتها.
لكن ما يثير الانتباه أن الوقائع الميدانية تكشف غياب أي دعم مباشر للمصحات الخاصة، فالتقارير المالية المتاحة لعدد منها تؤكد أنها لا تستفيد من إعانات عمومية سواءا على مستوى الاستثمار أو التشغيل، بل تعتمد بشكل كامل على مواردها الذاتية، أو على أدوات التمويل عبر السوق بالنسبة للمصحات الكبرى.
هذا التناقض بين الخطاب الرسمي والمعطيات الفعلية يفتح الباب أمام أسئلة عديدة حول الغاية من القرار ومدى جدواه العملية.
فمن الناحية القانونية، ميثاق الاستثمار يتيح إمكانية منح حوافز للشركات المؤهلة، لكنه إطار شامل يشمل مختلف القطاعات الاقتصادية، ولا يخص الصحة بشكل حصري.
وبالتالي فإن القطاع الصحي الخاص لا يتمتع بمعاملة استثنائية مقارنة بغيره من القطاعات، وهو ما يجعل قرار وقف الدعم أقرب إلى رسالة سياسية ورمزية منه إلى إجراء اقتصادي فعلي، حيث أن الإجراء الحكومي الأخير يظهر بطابع رمزي بالأساس، إذ يوقف دعما لم يكن موجودا أصلا في الواقع.
في المقابل يظل القطاع العمومي أكثر ارتباطا بالدعم المباشر للدولة، إذ تشير المعطيات إلى أن حوالي ثمانين في المئة من تمويله يعتمد على الإعانات العمومية، و هو ما يبرز التحدي الحقيقي الذي يواجه المنظومة الصحية، أي تحسين طرق تدبير الموارد وتطوير آليات الحكامة لضمان نجاعة الإنفاق وجودة الخدمات.
و إذا كان القطاع الخاص قادرا على تمويل نفسه وضمان استدامته، فإن الرهان الأكبر يظل في جعل القطاع العمومي قادرا على مواكبة حاجيات المواطنين وتوفير خدمات صحية في متناول الجميع.
0 تعليقات الزوار