النقاب يضع مليلية المحتلة في قلب مواجهة سياسية محتدمة

حجم الخط:

هبة بريس – محمد زريوح

دخلت مدينة مليلية المحتلة في خضم جدل جديد بعدما تقدّم حزب فوكس بمقترح إلى الجمعية المحلية يدعو إلى حظر ارتداء النقاب وكل لباس يغطي الوجه في الأماكن العامة والخاصة، بما في ذلك المدارس والمستشفيات والمنشآت الرياضية والحدائق.

المقترح، الذي أثار ردود فعل متباينة، قوبل برفض حازم من حزب “مليلية الجديدة”.

في بيانه الصادر يوم الجمعة 3 أكتوبر، وصف الحزب المبادرة بأنها “مساس بالحقوق الأساسية”، وعلى رأسها الحرية الدينية والفردية، مذكّرًا بأن التنوع الثقافي والديني يشكل جزءًا أصيلًا من هوية مليلية. المتحدث باسم الحزب، إسحاق فرنانديز أتينثيا، شدد على أن اختيار النقاب أو الحجاب أو أي رمز ديني أو ثقافي هو حرية شخصية وحق لا يمكن مصادرته.

لكن خلف هذا الجدل القانوني والسياسي، يبرز بُعد آخر يتعلق بالسياق العام في إسبانيا. فالمبادرة، بحسب مراقبين، تأتي في ظل صعود متسارع لخطاب اليمين المتشدد، الذي يركز بشكل متزايد على قضايا الهوية والهجرة والدين، ويروّج لمفاهيم مرتبطة بـ”الأمن الثقافي” في مواجهة التعددية. مليلية المحتلة، باعتبارها مدينة حدودية متعددة الهويات، تصبح ساحة اختبار لهذه النقاشات.

انتقادات “مليلية الجديدة” لم تقتصر على الجانب الحقوقي فقط، بل طالت أيضًا البعد المؤسسي، حيث اعتبر الحزب أن المقترح يتجاوز اختصاصات الجمعية المحلية، ويهدد قيم التعايش التي شكلت على مدى عقود سمة مميزة للمدينة. كما رأى أن تبرير فوكس للمبادرة استنادًا إلى “العادات والتقاليد المحلية” يتناقض مع تاريخ مليلية المحتلة المبني على الانفتاح واحترام الحريات الفردية.

ومع اتساع رقعة الجدل، دعا الحزب باقي القوى السياسية إلى رفض المقترح، محذرًا من الانجرار وراء خطاب يتقاطع مع توجهات اليمين المتطرف في إسبانيا. وفي الوقت نفسه، يترقب الشارع بمليلية مآلات هذه المبادرة التي قد تتحول، في حال تمريرها، إلى قضية تتجاوز مليلية المحتلة لتثير نقاشًا وطنيًا حول التعايش والتعددية في المجتمع الإسباني.

0 تعليقات الزوار

الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي الموقع

اترك تعليقاً