حين يتحول الطلاق بالمغرب إلى معركة أرقام.. والرجل المنهك يدفع الثمن

حجم الخط:

هبة بريس – عبد اللطيف بركة

في المغرب، لم يعد الطلاق مجرد قرار عاطفي أو خطوة لإنهاء علاقة استنفدت أسباب استمرارها، بل أصبح في كثير من الأحيان معركة مالية تتصدر العناوين أكثر مما تدون في محاضر الجلسات.

آخر هذه القصص خرجت من قاعة الجلسات بالمحكمة الابتدائية بالعرائش، حيث وجد زوج نفسه أمام فاتورة نهاية زواج امتدّ لعشر سنوات، 50 مليون سنتيم كمتعة، و16 ألفا و500 درهم نفقة للأبناء.

قد يقول قائل: “القانون لا يظلم أحداً”. لكن هل تتحول العدالة أحيانا إلى أرقام صادمة تشغل الرأي العام قبل أن تُنصف الأطراف؟.

الزوج هنا لم يطلب سوى إنهاء علاقة يقول إنها وصلت إلى “الشقاق”، وهو سبب قانوني مشروع لطلب التطليق. إلا أن القانون أيضاً يمنحه هذا الحق و يحمله الثمن. فبمجرد رفع الدعوى، يجد نفسه ملزماً بوضع المبالغ التي تقدّرها المحكمة مقابل سنوات العشرة. وإذا لم يفعل، تُلغى دعواه ويُعتبر “متراجعاً” عنها، حتى لو كان الشقاق واقعاً لا خلاف عليه.

المفارقة أن الطلاق في المغرب بات يشبه صفقة تجارية أكثر منه فصلا إنسانيا لقصة انتهت. الزوجة تحصل على “متعة” قد تعوضها ماديا عما فقدته معنويا ، والزوج يدفع “ثمن الرحيل” حتى لو كان هو الطرف الأكثر تضررا من استمرار الزواج.

وليس المطلوب هنا الدفاع عن طرف ضد آخر، بل طرح سؤال أعمق، هل التعويضات المالية أصبحت وسيلة لحماية المرأة أم تحوّلت في بعض الحالات إلى عقوبة للرجل؟.

القانون وُضع ليوازن، لا ليُرهق، والمتعة وُجدت لتداوي الجرح، لا لتفتح جراحاً جديدة.

والطلاق مهما قست ظروفه يفترض أن يكون نهاية هادئة، لا معركة جديدة تبدأ على أبواب المحكمة.

القضية، مهما كان رقمها كبيرا، ليست سوى مرآة تعكس واقعا أوسع، زواج هش، قضاء مثقل بالملفات، وشقاق يزداد كلفة يوماً بعد يوم.

ويبقى السؤال مفتوحاً، كم يساوي ثمن الحرية حين يصبح الانفصال خيارا وحيدا؟.

0 تعليقات الزوار

الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي الموقع

اترك تعليقاً