هبة بريس
باشر الوزير الأول الجزائري الجديد، المسمى “سيفي غريب”، مهامه على رأس الجهاز التنفيذي، وسط ضجة إعلامية داخلية تحاول تصويره كمنقذ لاقتصاد مترنح.
أزمة العطش تتفاقم بالجزائر
ولكن ما تغافل عنه إعلام النظام العسكري، وما يحاول التستر عليه بكل الوسائل، هو أن التحدي الأخطر الذي يهدد حياة الجزائريين ليس اقتصاد الأرقام، بل أزمة العطش التي حولت البلاد إلى فضاء قاحل يفتقد لأبسط مقومات الحياة.
فمشكلة المياه في الجزائر لم تعد مرتبطة بفترة فصل الصيف أو مواسم جفاف عابرة كما هو الحال في بقية دول إفريقيا، بل صارت أزمة بنيوية خانقة أفرزت احتجاجات اجتماعية متكررة اجتاحت المدن والقرى، وكشفت عجز الدولة وفشلها في توفير هذه المادة الحيوية للمواطن الجزائرية.
وما يفضح عمق الكارثة أن حتى العاصمة نفسها، التي يُفترض أن تكون محمية من هذه الأزمات، تعاني بدورها من الانقطاعات المتكررة. فقد اعترفت شركة المياه والتطهير يوم الخميس 18 شتنبر 2025 بوجود عطب في قناة رئيسية للتوزيع ببلدية القبة، ما تسبب في تذبذب التزود بالماء في بلديات باش جراح وبوروبة. وكالعادة، وحاولت هذه الشركة طمأنة المواطنين العطشى بعبارات جوفاء عن استئناف التوزيع “عند نهاية الأشغال” دون تحديد أي سقف زمني.
محاولات تحميل واقع الجزائر
ولأن الأزمة أعمق من كل محاولات التجميل، وجد وزير الداخلية نفسه مضطراً للاعتراف بالحقيقة، فأعطى أوامر لتسريع مشاريع قطاع الموارد المائية قصد “ضمان التزويد المنتظم”. إنه اعتراف ضمني يكشف أن الانتظام في توزيع الماء مفقود وأن الجزائريين يعيشون تحت رحمة صنبور يشتغل لساعة ويتوقف لساعات بشكل دائم.
ورغم زيارته الأخيرة لولاية البليدة التي تحولت إلى مسرحية عبثية، حيث عقد اجتماعا طارئا مع السلطات العسكرية والمحلية كان موضوعه الأبرز: “متى وكيف ستحفر الآبار لتزويد المواطنين بالماء؟”. مشهد يختصر حال دولة غارقة في العطش، تبحث عن حلول بدائية في القرن الحادي والعشرين.
أما رئيس الحكومة “غريب”، فاسمه يطابق واقعه. إذ لا يبدو مستغرباً من جفاف ينهك البلاد، ربما لأنه لا يشعر بوطأة العطش، ما دام مكتبه وبيته يعج بالماء المخصص له وحده، بينما ملايين الجزائريين يكابدون يومياً للحصول على بضع لترات للماء الشروب.
0 تعليقات الزوار