هبة بريس
ذكرت صحيفة “بيزنس إنسايدر” أن دوائر النظام الجزائري تعيش حالة ارتباك وغضب بعد التصريحات الأخيرة لوزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، التي اعتُبرت في نظر كثيرين ميلاً واضحاً نحو الموقف المغربي، خصوصاً فيما يتعلق بمنطقة الساحل وقضية الصحراء المغربية، وهو ما شكّل صفعة دبلوماسية جديدة للنظام الجزائري الذي كان يراهن على موسكو كحليف تقليدي.
الجزائر تتحمل مسؤولية أزمة الساحل
وأوضح التقرير أن روسيا أصبحت عالقة بين توازن المصالح في المنطقة، فهي من جهة تحافظ على تعاونها العسكري والطاقي مع الجزائر، أحد زبائنها القدامى في إفريقيا، لكنها من جهة أخرى تقترب أكثر من الموقف المغربي وتبدي استعداداً متزايداً لدعم خطة الحكم الذاتي التي تقترحها الرباط، ما يعكس توجهاً روسياً جديداً نحو الواقعية السياسية وتفضيل الشراكات الموثوقة على الأنظمة المتقلبة.
وخلال مؤتمر صحفي في موسكو، تهرّب لافروف من سؤالٍ طرحته صحفية جزائرية بشأن انتهاكات “فيلق إفريقيا” الروسي (فاغنر سابقاً) في مالي، محاولاً تبرير الموقف بحديثه عن “التوترات التاريخية بين الجزائر ومالي”، وهو تصريح فُهم في الجزائر على أنه تلميح روسي إلى مسؤولية الجزائر عن اضطرابات الساحل.
ولم يكتف لافروف بذلك، بل قارن الوضع بما حدث في رواندا قبل الإبادة الجماعية، مشيراً إلى أن شعب الطوارق في الجزائر ومالي يواجه المصير نفسه بسبب ترسيم الحدود الاستعمارية، في إشارة صريحة إلى أن الجزائر تتحمل جزءاً من أزمة الساحل، وهو ما اعتُبر إهانة دبلوماسية مباشرة.
موجة غضب واسعة في الجزائر
هذه التصريحات أثارت موجة غضب واسعة في الجزائر، حيث تساءل ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي: “هل ستتجرأ الجزائر على استدعاء السفير الروسي للاحتجاج؟ أم ستلوذ بالصمت كعادتها؟” معتبرين أن روسيا اختارت الانحياز للمغرب ووجهت صفعة قاسية لدبلوماسية النظام.
ونقل التقرير عن أحد المعلقين الجزائريين قوله إن “كلمات لافروف عن الطوارق والحدود كانت أقسى من حديثه عن الصحراء، لأنها كشفت هشاشة موقفنا القائم على قدسية الحدود الاستعمارية”.
وخلصت “بيزنس إنسايدر” إلى أن موسكو تشهد تحوّلاً لافتاً في خطابها حول قضية الصحراء المغربية، إذ لم يعد دعم المغرب مجرد تلميح، بل أصبح توجهاً واضحاً يتقاطع مع مصالح روسيا الاستراتيجية، خاصة بعد توقيع اتفاقية جديدة للتعاون في مجال الصيد البحري بين الرباط وموسكو، تعويضاً للاتفاق الذي انتهت صلاحيته سنة 2024، في خطوة تؤكد عمق التقارب بين البلدين وتراجع نفوذ الجزائر في المنطقة.
0 تعليقات الزوار