بعدما شجعوا كل خصومنا.. ماذا سيشجع إعلام الجزائر الآن؟

حجم الخط:

هبة بريس ـ الدار البيضاء

يبدو أن بعض البرامج الرياضية في الجزائر تواجه اليوم مأزقا حقيقيا بعد تتويج “أشبال الأطلس” بكأس العالم لأقل من 20 سنة في تشيلي، مأزق لا يتعلق بنتيجة مباراة، بل بوجهة تشجيع جديدة بعد أن استهلكت كل القمصان التي ارتداها مقدمو البرامج دعما لكل خصم واجه المغرب خلال البطولة.

فمنذ بداية المونديال، تحولت استوديوهات التحليل في الجزائر إلى ما يشبه متحفا لقمصان المنتخبات المنافسة للمغرب، مرة بالألوان الأرجنتينية، وأخرى بالبرازيلية، وبينهما الفرنسية و الكورية و الأمريكية و المكسيكية، بدا الأمر كما لو أن التشجيع ضد المغرب صار برنامجا ثابتا أكثر من كونه “تحليلا رياضيا”.

والمفارقة أن هذه الموجة لم تمر مرور الكرام، فقد أثارت موجة انتقادات حادة في الشارعين الرياضيين المغربي و العربي على حد سواء، حيث تساءل كثيرون عن معنى “الحياد الإعلامي” حين يتحول الميكروفون إلى منصة تشجيع ضد جار يحقق إنجازا عالميا، بل إن أحد ضيوف تلك البرامج الجزائرية ذهب بعيدا حين قال ساخرا: “إذا لعب المغرب مع لا أحد، فسأشجع لا أحد!”، وهي جملة ستبقى في ذاكرة الجمهور أكثر من أي تحليل فني.

لكن المفارقة الأجمل جاءت في النهاية، المغرب فاز، والأشبال رفعوا الكأس، فيما وجد بعض الإعلاميين الجزائريين أنفسهم بلا خصم جديد يشجعونه، فالمغرب هذه المرة لم يهزم منتخبا واحدا فحسب، بل هزم كل التوقعات، وكل رهانات “التحليل بالانفعال”.

الآن، وبعد أن انتهى المونديال، يبدو السؤال مشروعا: ماذا سيشجع هؤلاء “المرضى نفسيا بالمغرب” لاحقا؟ هل يجرؤون على تشجيع النجاح حين يأتي من الجار؟ أم أنهم سيكتفون بالصمت أمام إنجاز فرض احترامه عالميا؟.

في النهاية، فوز المغرب لم يكن مجرد انتصار فوق العشب الأخضر، بل درس في المهنية، في العمل الهادئ، وفي أن “الميدان” هو الرد الأبلغ على كل الميكروفونات التي ضاعت في صدى التعصب الأعمى.

0 تعليقات الزوار

الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي الموقع

اترك تعليقاً