هبة بريس
أثار امتناع باكستان عن التصويت على قرار مجلس الأمن الدولي الداعم لمبادرة الحكم الذاتي في الصحراء المغربية، العديد من التساؤلات حول خلفيات هذا الموقف المفاجئ، خصوصًا أن إسلام آباد تُعد حليفًا استراتيجيًا وثيقًا للسعودية التي ترتبط بدورها بعلاقات راسخة ومتينة مع المغرب، سواء على المستويين السياسي أو الدبلوماسي.
وتعتبر باكستان من الدول الحليفة للمغرب، إذ تربطهما علاقة تاريخية متينة تمتد لما قبل استقلال المملكة، الذي لعبت فيه إسلام آباد دورا هاماً، من خلال منحها جواز سفر دبلوماسي لممثل الحركة الوطنية بداية الخمسينيات في الولايات المتحدة، أحمد بلافريج، ليتمكن من إلقاء خطاب داخل مقر الأمم المتحدة.
وفي الوقت الذي كان يُنتظر فيه أن تتبنى باكستان موقفًا منسجمًا مع توجهات شركائها التقليديين في العالم العربي والإسلامي، اختارت الامتناع عن التصويت على القرار الأممي رقم 10030، في خطوة يمكن اعتبارها موقفًا رماديًا لا ينسجم مع طبيعة علاقاتها الاستراتيجية مع الرياض أو مع القضايا العربية العادلة.
المفارقة الأبرز تكمن في أن الجزائر، التي تُعد الخصم الرئيسي للمغرب في ملف الصحراء، دعمت في وقت سابق الهند خلال التوترات العسكرية مع باكستان، وهو ما يطرح سؤالًا مشروعًا: كيف يمكن لباكستان أن تتخذ موقف الحياد في قضية تتعلق بوحدة تراب دولة عربية صديقة، في حين لم تتردد الجزائر في الاصطفاف إلى جانب خصمها الإقليمي؟
وما يزيد الشكوك هو أن الخطوة الباكستانية جاءت أياماً بعد مكالمة هاتفية أجراها وزير الشؤون الخارجية الجزائري أحمد عطاف مع نظيره الباكستاني، حيث تناول الطرفان العلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، بما في ذلك النقاط المدرجة على جدول أعمال المجلس، من ضمنها ملف نزاع الصحراء المغربية.
ويرى مراقبون أن هذا الموقف يعكس ارتباكًا في السياسة الخارجية الباكستانية، أو رغبة في تجنب الاصطدام بأي طرف داخل المعادلة الجيوسياسية الحالية، خصوصًا في ظل التوازنات الدقيقة التي تحاول إسلام آباد الحفاظ عليها بين شركائها في الخليج العربي وبين علاقاتها المتنامية مع بعض القوى الآسيوية.
ومع ذلك، فقد تم اعتماد القرار الأممي الداعم لتسوية نزاع الصحراء تحت السيادة المغربية بدون أي معارضة، ليرسخ مبادرة الحكم الذاتي، باعتبارها الحل الواقعي والعملي للنزاع الإقليمي المفتعل، في وقت تتواصل فيه عزلة الأطروحة الانفصالية، وتتعزز مكانة المغرب كفاعل أساسي في استقرار شمال إفريقيا والمنطقة المغاربية.

0 تعليقات الزوار