هبة بريس – برشلونة: عمر الرزيني
في مشهد مؤلم يهزّ القلب قبل العين، شهدت مدينة برشلونة حادثة مأساوية حين حاول مهاجر إفريقي وضع حدًّا لحياته فوق أحد القطارات، بعد أن ضاقت به سبل العيش واشتدت عليه قسوة الغربة.
حيث كان الشاب، الذي يُعتقد أنه يعيش منذ أشهر في وضعية هشّة بلا أوراق إقامة ولا عمل، يقف على سطح القطار وهو يصرخ من الألم واليأس، قبل أن يتدخل شبان مغاربة بشجاعة وحكمة، ويقنعوه بالعدول عن فعلته. لحظات معدودة فصلت بين الحياة والموت، لكن الإنسانية كانت أقوى من اليأس.
سرعان ما حضرت فرق الأمن والإسعاف إلى المكان، وتم نقل المهاجر إلى المستشفى لتلقي الرعاية الطبية والنفسية، فيما ظلّ المارة مذهولين من المشهد الذي لخص معاناة كثير من المهاجرين في إسبانيا.
ففي برشلونة، المدينة التي تتزيّن بجمالها وتنوعها الثقافي، يعيش آلاف المهاجرين في ظروف صعبة. كثيرون بلا مأوى، وآخرون ينامون في الشوارع أو في مبانٍ مهجورة، بحثًا عن لقمة عيش تحفظ كرامتهم. أما الذين يعملون، فغالبًا ما يشتغلون في مهن شاقة بأجور زهيدة، دون حماية قانونية أو اجتماعية.
ورغم قسوة الواقع، تبقى لحظات التضامن بين المهاجرين مشاهد مضيئة في عتمة الغربة. فالمغاربة الذين أنقذوا الشاب لم يعرفوه من قبل، لكنهم تحركوا بدافع إنساني خالص، إيمانًا منهم بأن “الإنسان أخو الإنسان” أينما كان.
هذه الحادثة المؤلمة تذكّر بأن وراء كل مهاجر قصة، ووراء كل وجه حزين معاناة صامتة تحتاج إلى من يسمعها، لا إلى من يحكم عليها. فالمهاجرون، في نهاية المطاف، لا يبحثون عن أكثر من فرصة للحياة بكرامة وأمان.

0 تعليقات الزوار