هنا بريس
منذ أكثر من ستين عاماً، يقف عبد اللطيف الجواهري في قلب الماكينة المالية للمغرب، شاهداً على تحولات عميقة وصانعاً لقرارات مفصلية، بصلابة الخبير وهدوء رجل الدولة. واليوم، وهو على مشارف عامه السادس والثمانين، يواصل قيادة بنك المغرب بنفس الحزم والرصانة التي جعلت منه رمزاً للاستقرار في مؤسسات الدولة.
لم يكن الجواهري مجرد محافظ بنك مركزي، بل أحد الأعمدة التي قامت عليها الدولة الحديثة، فقد رافق مراحل بناء المنظومة المالية منذ الاستقلال، متنقلاً بين وزارة المالية ومؤسسات التقاعد والبنوك التجارية، قبل أن يعينه الملك محمد السادس على رأس بنك المغرب سنة 2003.
طوال هذه العقود، بصم الرجل على مرحلة مفصلية في السياسة النقدية الوطنية، أشرف فيها على الانتقال نحو نظام صرف أكثر مرونة، وضمان استقرار الدرهم رغم الأزمات، مع تحديث أدوات الحكامة وتعزيز استقلالية البنك المركزي.
ونظير هذا المسار، حصد الجواهري إشادات دولية متتالية، آخرها تتويجه كأفضل محافظ بنك مركزي في إفريقيا لعام 2025. يوصف من قبل مقربيه بأنه رجل صارم وعملي في آن واحد، لا يتنازل عن المبادئ، ويزن قراراته بميزان المصلحة العامة.
ومن التقويم الهيكلي في الثمانينيات إلى أزمة كوفيد-19، ظل الجواهري حاضراً في قلب القرار الاقتصادي، مدبّراً للأزمات بثقة وهدوء. واليوم، ومع اقتراب نهاية ولايته، يبدو مستعداً لتسليم المشعل، بعد أن ترك بصمة يصعب محوها في تاريخ المالية المغربية.

0 تعليقات الزوار