الاتحاد الاشتراكي في عهد لشكر ورحلة البحث عن موقع في الأغلبية

الاتحاد الاشتراكي في عهد لشكر ورحلة البحث عن موقع في الأغلبية
حجم الخط:

هبة بريس – عبد اللطيف بركة

لطالما كان حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، بقيادة إدريس لشكر، جزءاً مهماً من الحياة السياسية المغربية، ورغم تاريخه العريق، بقي الحزب في موقف متأرجح بين الأغلبية والمعارضة في عدة مراحل من تاريخه السياسي، و في آخر تصريح للكاتب الاول لحزب الورد ، كشف لشكر عن مشاعر خيبة أمل دفينة من الوضع الراهن، مشيراً إلى أن الحزب تموقع في المعارضة ليس اختياراً، بل بسبب “وسائل” وظفها الآخرون لإبعاده عن الأغلبية، فهل تكون هذه التصريحات مجرد رد فعل على التهميش الذي تعرض له حزبه أم أنه تحول حقيقي في استراتيجية الحزب نحو العودة إلى السلطة؟.

– إدريس لشكر و”الحركة الإصلاحية”

في تصريحاته الأخيرة، أوضح إدريس لشكر أن الاتحاد الاشتراكي يعتقد أن الوضع الحالي، الذي يضعه في خانة المعارضة، ليس بسبب إرادة الحزب نفسه، بل نتيجة لضغوطات سياسية ومناورات تهمش دوره، بل وأضاف أنه كان يعتقد أن الاتحاد الاشتراكي يجب أن يكون جزءاً من الأغلبية الحكومية، خاصة في ظل الظروف السياسية الراهنة والإصلاحات التي شهدها المغرب في عهد الملك محمد السادس.

وتحدث لشكر عن عدة أوراش إصلاحية تمس مباشرة مرجعية الحزب مثل الحماية الاجتماعية، والتغطية الصحية، والدعم المباشر، وهي ملفات قريبة جداً من البرنامج السياسي الذي يطرحه الاتحاد الاشتراكي، بل يمكن القول إن هذه الأوراش تُعد جزءاً من “الحلم الاشتراكي” الذي لطالما نادى به الحزب، حيث كانت هذه القضايا موضوع النقاشات داخل الحزب منذ عقود.

– لماذا يرغب لشكر في العودة إلى الأغلبية؟

الحديث عن رغبة إدريس لشكر في العودة إلى الأغلبية الحكومية ليس بالأمر الجديد، فمنذ أن تولى زمام القيادة في الحزب، يسعى لشكر إلى تعزيز مكانة الاتحاد الاشتراكي داخل النظام السياسي المغربي. ويرتبط هذا السعي ارتباطاً وثيقاً بالبحث عن دور أكبر للحزب في صنع القرارات السياسية والتنفيذية، في وقت يبدو فيه أن أغلب القرارات تتخذ من قبل الأحزاب الأكثر حضوراً في الحكومة.

لكن السبب الرئيسي وراء هذا السعي قد يكمن في أهمية الظهور كحزب فاعل ومؤثر في المشهد السياسي، في وقت تتزايد فيه المطالب الشعبية بالشفافية والمشاركة في اتخاذ القرارات، فهل يكمن التحدي الحقيقي في الانتخابات المقبلة في إمكانية تجاوز الاتحاد الاشتراكي للطبقات السياسية الحالية التي تهيمن على الأغلبية والمعارضة؟.

– هل المعارضة ضايقت لشكر؟

لا شك أن الحزب الاشتراكي قد وجد نفسه في وضع غير مريح داخل المعارضة في السنوات الأخيرة، ومع تصاعد الوعود بالإصلاحات، بات الاتحاد الاشتراكي يشعر بأن من موقعه الحالي، لا يمكنه التأثير كما يجب على تلك الأوراش التنموية الكبرى التي يشيد بها لشكر. ويُظهر تصريح لشكر نوعاً من الاستياء من هذا الوضع، إذ يعبر عن قناعة بأن الحزب كان يستحق أن يكون شريكاً في الحكومة، لا مجرد مراقب من بعيد.
لكن في الوقت ذاته، يشير هذا الوضع إلى مفارقة سياسية، كيف لحزب قدم العديد من الشخصيات المؤثرة في السياسة المغربية أن يجد نفسه عاجزاً عن تموقع نفسه ضمن الأغلبية؟ هل غياب التأثير في الحكومة هو نتاج لضعف التنظيم الداخلي أم هو تعبير عن توازنات سياسية غير محمودة في البلاد؟.

– الآفاق المستقبلية للاتحاد الاشتراكي

مع الدينامية التي باشرها لشكر خلال هذا العام ، من خلال الحضور في عدد المحافل السياسية الدولية للدبلوماسية الموازية للدولة ، وكذلك من خلال تجديد الكتابات المحلية والجهوية وعقد مؤتمرات بعدد من جهات المملكة ، يبقى التساؤل الأهم: ماذا سيحصل للاتحاد الاشتراكي في المستقبل؟ هل سيحافظ على موقفه الحالي كقوة معارضة أم سيعيد بناء استراتيجياته للوصول إلى الأغلبية؟ هنا، ينبغي على الحزب أن يضع خططاً واضحة المعالم، وأن يبحث عن تحالفات مع الأحزاب الأخرى ذات المرجعيات المتقاربة، لتكون له القدرة على التأثير في التشكيلة الحكومية المقبلة.
يتطلب هذا الأمر إعادة النظر في الأدوار التي يجب أن يلعبها الاتحاد الاشتراكي في الحياة السياسية، وتحديد موقعه بشكل أكثر وضوحاً في النظام الحزبي المغربي. كما يتعين على الحزب أن يعزز من حضوره الجماهيري والبرلماني، ليتجاوز الظروف التي أدت إلى تراجع نفوذه السياسي.

إن تحركات لشكر الأخيرة تكشف عن محاولة كبيرة لتحريك المياه الراكدة للحزب باستعمال اي وسيلة ممكنة للوصول لهذه الغاية ، لكن أيضا هناك من يقول ان لشكر يمكن قد توصل إلى تطمينات من جهة معينة في الدولة للعودة بقوة للمشهد السياسي المغربي ، لكن هذا الطموح لن يكون سهل المنال امام لشكر ، لان حزب الاتحاد الاشتراكي عبر عقود تراجعت قوته الشعبية، رغم ان المغاربة يحترمون تاريخ الحزب ورجالاته . وفي الوقت ذاته، فإن الحزب أمام تحديات حقيقية تتطلب تحليلاً دقيقاً للموقع الذي يرغب في أن يتواجد فيه في المستقبل السياسي للمملكة.

0 تعليقات الزوار

الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي الموقع

اترك تعليقاً